28 أبريل، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

تسلَّلَ الَّليلُ إلى مدينةِ الشَّمسِ/ بقلم: مرام عطية

 

 

 

 

 

 

 

تسلَّلَ الَّليلُ إلى مدينةِ الشَّمسِ/ بقلم: مرام عطية

******************

في ليلةٍ حمقاءَ تسلَّلَ أشباحُ الخرابِ كالذئابِ افترشوا الكرومَ عقماً ويباباً كالجرادِ، تسلَّقوا عرائشَ الياسمين المتدلِّيةَ، وطئوا بنعالهم المسمومةِ زهورها البيضاءَ، وهي تهاتفُ السَّماءَ، هجموا على رفِّ الحمائمِ الوادعةِ في مدينةٍ ثريَّةٍ بالوطنِ، زاخرةٍ بالشَّذا، عابقةٍ بالوفاءِ لعروبةِ بغدادَ مدينةٍ وارفةِ الحبِّ تعومُ على بحرٍ من الرخاءِ.

لا تسلْ كيفَ اشتعلَ أوارُ الحسدِ في صدورهم الطارفة بالغيظِ، فقط حدِّق في بشاعةِ صورهم؛ حين أطفوا قناديل الظُّلمةِ في البصرةِ الصابرة على ملوحةِ الظلمِ، جففوا أنهارَ الفرحِ في أحداقِ الصغارِ، وسرقوا الماءَ والكهرباء والألعاب، لا أراجيحَ لعصافيرِ الطفولةِ، ولا مراعي لقرنفلاتِ القلوبِ في عُرفهم الخريفيِّ، حملوا الَّليلَ على أكتافهم، ليغيِّبوا النجومَ وينحروا الأقمارَ، حين غابَ العدلُ عن أرضِ سومرَ، أين أنت يا شبعادَ ؟! كم ستحزنين لأنهم دفنوا مجدكِ ووأدوا أحلامَكِ العذابَ !!

اعتلى عرَّشَ الحقِّ طغمةٌ سوداءُ من أغشمِ الطغاةِ، نحروا الضميرَ بقبضةٍ من الدولاراتِ، وباعوا دخائرَ الوطنِ وأمواههُ للمارقينَ الغرباءِ

ما أظلمهم! يمزِّقونَ كل ثانيةٍ سورَ الرحمةِ والإنسانيةِ، ويحرقون آيَاتِ الصفحِ والغوثِ لليتامى الأراملَ والفقراء.

لم يقرؤوا كبرياءَ النخيلِ في وريدِ الشبابِ، ولم يدركوا سطورَ التحدِّي على صفصافِ الفراتِ، لم يسمعوا أصواتَ الحياةِ في نوى الزيتونِ والقمحِ المسفوحِ على الدروبِ المنسيةِ، في دماءِ الشهداءِ

يالجهلهم وغفلتهم! كيفَ لم يتعلَّموا دروسَ الحضارةِ في كتابِ الأممِ، ولم يبصروا عرسَ الربيعِ القادمَ على هاتيكَ التِّلالِ بعدَ عتو البرقِ وهديرِ الشتاءِ ؟!

______

مرام عطية

 

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.