28 أبريل، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

قراءة في ديوان (للعشق أحلام مجنحة) للشاعر نصر محمد/ بقلم: نوميديا جروفي

قراءة في ديوان (للعشق أحلام مجنحة) للشاعر نصر محمد.

بقلم الكاتبة الجزائرية: نوميديا جروفي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للعشق أحلام مجنحة، عنوان جمع واختزل المعنى الحقيقي للمرأة، فهي الوطن والأم والأخت والصديقة ورفيقة الدرب الطويل والابنة.

“للمرأة حضور خفيّ، لا يراه ويهتدي به إلاّ رجل متفتّح عارف، فهناك نوع آخر من الرّجال بداخلهم حيوان محبوس، ليت هؤلاء يقوّمون أنفسهم أوّلا، ليتهم يعرفون أنّ المحبّة والتّفهّم هي ما تجعلنا بشرًا، أمّا الشّهوة والحمية. فلا.

فربّما كانت المرأة نورًا من نور الله، ربّما كانت خلاّقة وليستْ مخلوقة، ربّما هي ليستْ مجرّد ذلك الشّكل ” (جلال الدين الرومي)

المرأة هي التي تحثّنا على الفيض.. المرأة التي ترافقنا حتّى تحت التّراب..

يقول الشاعر نصر محمد في الإهداء:

إلى من أحنّ

لعطفها

لدفئها

لحضنها

إلى أمّي

 

إنها الأم والحضن الدافئ التي قال عنها بيتهوفن يوما:

 

“إنّ أرقّ الألحان وأعذب الأنغام لا يعزفها إلا قلب الأم”.

تبتسم الأم فيشرق وجهها من هنا، والشمس تشرق من هناك.

الأم هي الصباح القريب منّا، والأمل الذي يُردّد كل يوم الحياة أجمل.

 

ويقول الشاعر نصر محمد في قصيدة (أمي):

يا من أحن

لعطفها

لدفئها

لحضنها

وكلما كبرت

أقول لو

أعود طفلاً يحبو

بقربها

وكم بكيت ألماً

في بعدها

بذكرها

ما إن غدوت قربها

نسيت كل فعلها

لا أدري

كيف يكون شكرها

يا من إذا

قدمت عمري عاجزاً

عن شكرها

يا بدر كوني لا تغب

كي لا تفل

روحي من محلها … !!

 

مهما كتبنا عن أمهاتنا لا نُجيد الكتابة فلا أحد يستطيع وصف جزء من الجنة، كذلك الذي طلبوا منه تاج امرأة، فأعطاهم حذاء أمه.

فأجمل النساء امرأة سهرت وتعبت وربّت وأعطت دون مقابل، تُدعى الأم.

ومن هنا علينا أن نتذكّر دائما مهما كبرنا أنّ والدتنا هي سبب وجودنا في الحياة، هي من صنعتنا حتى وقفنا على رجلينا أول مرة.

فلو كان بيدنا أن نختار وطنا، لاخترنا قلب أمهاتنا، هناك ننام مطمئنين ونصحو بسلام.

 

ويقول الشاعر نصر في الإهداء أيضا:

إلى المدينة

التي كنت

اسكنها وتسكنني

إلى عامودا

التي لا تشبه أية

مدينة في العالم

ببساطتها

 

الشاعر هنا في غربته يشتاق للمدينة التي فتح عينيه أول مرة فيها، إنها عامودا التي تنسّم هواءها وتمرّغ في ترابها وهو طفل واعتاد أزقتها البسيطة. لدرجة حبّه لمدينته الأم يراها أجمل مدينة في العالم لأنها تعيش في ذاكرته التي يحتفظ فيها بأجمل التفاصيل التي عاشها فيها.

ثم يقول الشاعر نصر في قصيدة (لأنك جميلتي):

لأنك جميلتي

يزهر الربيع

من ضفائرك

وتفرّ طيور الفرح

من عينيكِ

لتغني للأرض لحناً

حروفه أنتِ

وموسيقاه أنتِ

وكل أرقام الحياة

تتشابك لتقول

أنك أنت كلّ الوفا

وكل الأشياء الموغلة بالجمال … !!

 

أجمل ما في الحياة، أنْ تتقاسمها مع إنسان يعرف معنى وجودك، يعرف صدق شعورك، يُشفي لك جروحك، يُخلص لك في غيابك، ويبحث عنك حتّى في وجودك. فالحبّ والمرأة سبب استمرار الكون.

ويقول نزار قباني: ” عندما أكتبُ عن الأنثى لا أعلمُ لماذا أبتسم. فكلمة أنثى بحدّ ذاتها جمال”.

 

ويقول الشاعر أيضا في قصيدة (مم وزين):

سيدة النساء

كدقات عقارب

الساعة

كصدى أجراس

المعابد

كصفير القطارات

الراحلة

منتصف الليالي

كغناء العندليب

في فجر الصباحات

كأغنية عاشقة

عند مغيب الشمس

كهمسات شاعر متيم

هكذا ذكرك

في الروح والذاكرة

تأتين مع أمواج الشاطئ

وهبوب الرياح

تأتين مع حفيف الأشجار

وخرير المياه

تنسابين إلى الأعماق

كالنسمة الظليلة

قرأتك في مم وزين

رأيتك في ليلى العامرية

تهلين كل ليلة

كروح مباركة

على أطلال وجودي

تعجنين قريحتي

بزاد عشقك الأزلي … !!

هنا يسافر بنا الشاعر عبر التاريخ الكردي القديم والأسطورة الخالدة لقصة حبّ مم وزين التي ما تزال الجدات تسردها للأبناء وما زال الآباء يتذكرون ما عاناه العاشقان الذين فرّقتهما الحياة ليجتمعا في الحياة الأخرى في قبرين متجاورين تزيّنهما الأزهار.

الشاعر نصر يشبّه حبّه الخالد لذلك الحبّ الأسطوري الذي لا مثيل له.

 

كلمة أخيرة:

الشاعر القدير نصر محمد يمتاز بكتابات راقية تحمل أحاسيسا وهاجة، تسافر بالقارئ نحو عالم المحبّة، تجعله يبتسم لأنه يرى حروفا جميلة تحمل في ثناياها حبّا عميقا نابعا من الأعماق مكتوبا بحبر المشاعر    والأحاسيس الوضاءة.

طوبى لقبلك النبيل أستاذ نصر وما تكتبه من جمال مشعّ بحروف ذهبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.