أفراسُ الطموح … ترهقُ نخلتي/ بقلم: مرام عطية

أفراسُ الطموح … ترهقُ نخلتي/ بقلم: مرام عطية
___________________
حصانانِ طموحان يقيمانِ في صدري، لا يكلَّانِ أو يهدئان في نومي وفي يقظتي، يشاكسانني كلَّ رغبةٍ، يتصارعانِ على استمالتي لأحلامهما كقطبي الحربِ في الشرقِ والغربِ، يوزعانِ غنائمهما على طفولتي، ويغرقانني في بحورِ الدهشةِ. يرمحانِ كلَّ صباحٍ لقطفِ كمثرى الجمالِ، أحدهما تغريهِ جزرُ الإبداعِ ونوارسُ الحريةِ، وجهته النجومُ، يغزو مدنَ النورِ، ويعرجَ على ممالكِ الفنِ، والآخرُ يشقُّ طريقه وسطّ المهالكِ والصخورِ فتدميهِ الأشواك لينالَ كسرةً من عدالةٍ، ويُمرِّغُ وجهه الوحلُ ليسدَّ رمقه بلقمةِ عيشٍ نظيفةٍ.
فرسانِ عاشقانِ للجمالِ يباكر إنني، والغزالةُ في بيتها المسحورِ قبلَ أن تستيقظ العصافيرِ والسنونوات، كطفلين جائعين يصرخانِ فتسرع أمهما لإرضاعهما وتهدئتهما
أو كفلاحين نشيطين تنتظرهما حقولُ القمحِ والزيتونِ
يطربهما نشيدُ السواقي وحفيفُ الشجرِ، وتغري أنفاسهما عطورُ التفاحِ والكرزِ
أحدهما يستوطنُ مدنَ خيالي، ويزهو في أبراجِ روحي السامقةِ يطحنُ برحاهُ الهوائيةَ كدوني خوته المسافاتِ والأزمنةِ حيث تتلاشى أمامهُ الصعوباتُ، وتذوبُ جبالُ الثلجِ، تحترقُ أسمالُ الشَّجنِ، والآخرُ يسكنُ في شرايينِ جسدي المتعبةِ، ويوطِّدُ خيامهُ في قرى الواقعِ المريرِ.
وحين تستطيلُ العقباتُ، وتنصبُ المشانقُ لسلالةِ عشتارَ في محطاتِ العمرِ، فتنهالُ سياطُ المهانة والإذلالِ على نخلتي، يرقَّانِ على بصورِ التحنانِ والأمومةِ، وأنا أمام نصائحهما المتعاكسةِ أصيرُ كعجينةٍ في كفِّ طفلٍ، لا يعرفُ ما يصنعُ بها، أو كبيدرِ عدس وكمونٍ في فصلِ الحصادِ تدرسهُ أسنانُ نورجٍ حديديٍّ مسنونٍ، لا أقوى على الخلاص مهما صلبتْ إرادتي واشتدَّ عودي.
_________
مرام عطية