27 أبريل، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

الراحلون…/ بقلم:د. شاكر كريم

الراحلون.../ بقلم: د. شاكر كريم

ـــــــــــــــــــــ

يحمل حقيبته الزرقاء ويجلس في أماكن خاصة بالمسافرين ينظر إلى ساعته تتالى دقات الهاتف من أسرته للاستفسار عن وقت حركة الطائرة …كان قوي الإرادة يعالج قلقه العاصف، سحابة توتره تملا المكان اتصلت به صدفة ليخبرني إنه مسافر وقد حط الرحال لإكمال علاجه. كتب نصا قصيرا ونشره من مطار بغداد الدولي قبل المغادرة بلحظات: قليلا من الصبر أيتها الحقيبة..

غدا من يودع من؟ أيتها الحقيبة…

بدا يتأمل تجمع المسافرين في قاعة المغادرة. يود لو يحتفظ في خزانة ذاكرته برائحة تلك الأيام الجميلة وتفاصيلها.  إحساس بالعجز يحيط به. الجو حار لا يستطيع كسر النسيم البارد الذي في داخل الصالة …عاصفة ترابية ثقيلة تصطدم بالباب الخارجي محدثة ذاك الصوت الرتيب الذي يملأ النفوس بالذعر هكذا شعرت بأنها الرحلة الشاقة له خاصة وأنه مسافر إلى مجموعة المناطق المدارية الحارة بأشعة الشمس الحارقة والأجواء الخاصة للغاية في شهر أب. طائرته الرابعة فجرا، أسرته ينتظرون وقت إقلاع الطائرة وهم في مسكنهم، يتململ في يأس، كان متوترا للغاية، وكأنه يقول إنها السفرة الأخيرة لا مجال للعلاج ولا للشفاء. كتب موضوعا وأرسله إلى جريدة الزمان بعنوان (رحلتي). لا يعلم لماذا هو دائما متوجسا، ينظر دائما بأنه يعيش محطات العمر الأخيرة. سيطر عليه الخاطر المحزن بقوة. نظرات ولده عبدا لله تنساب على وجهه المكفهر، مر من أمامه شريط الأحداث الطويلة البعيدة والقصيرة في سطور سريعة تشابكت في غابة كثيفة. اختلفت الصورة في روحه كان أيامه لم تكن. تعصف به الخواطر كالرياح العاتية، وجد الحزن يلفه ويعصره عن عمد، بعد أن سافر أغلق على نفسه بابه وبكى بكاء مرا لم يشعر به أحد يحاول التذكر بلا جدوى تقترب ساعة أجله، ينقطع الشريط المتلاشي ليمزق شرائط ذكرياته. كان صاحبه أبا عمار حزينا قال إن وضعه الصحي متدهور جدا كتبت دعاء عسى الله أن يشفيه ويعافيه ولكن إرادة الله، إن السماء تبكي لسفرك !!، لم يستطع مجاراته في الحديث، تجمدت الكلمات، انسابت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.