الَّليلُ يقتلعُ شتولَ الحبقِ/ بقلم: مرام عطية

الَّليلُ يقتلعُ شتولَ الحبقِ/ بقلم: مرام عطية
___________________
يا إلهي كيفَ أبلغُ مرافئَ الأمانِ ؟! ارتحلتْ الشمسُ عن مدينتي، ولا غيمة تنبئُ بعودتها، باسمِ الربيعِ وطَّد الخريفُ أوتادهُ في بلادي، أسلمَ مفاتيحها للريحِ فاستبدَّ الخرابُ قطيعاً، وتناسلَ الخذلانُ ، كلما أشرقَ فكرٌ بددتهُ رياحُ الجهلِ و طعنتهُ مدياتُ الحاسدين، و كلما ابتسمَ نجمٌ اغتالتهُ سهامُ الخيباتُ، ولاحقتهُ كعرباتٍ سريعةٍ على طريقٍ طويلةٍ لايوقفها شرطي سيرٍ عتيدٌ، الحياةُ هنا تصارعُ البؤسَ والجفافَ، المعاركُ صامتةٌ على مدار الساعةِ بلا صليلِ سيوفٍ أو عجاجِ سنابك خيلٍ، والضحايا يتراكمونَ كحصى في وادٍ سحيقٍ، تتفسخُ جثثهم في أوردة و شرايين العاشقين الحياةِ، في الحرب الباردةِ بينَ العدلِ والظلم ، بين الحقِّ والكذبِ، بين النميمة والصدق، في الباص والشارع ،في المكاتبِ والفنادقِ والقطاراتِ …. إلى الدوائرِ الرسمية .
لو تراهم أيها الحبُّ المرتحلُ عن سهولي لأدركتَ كم النسماتُ جريحةٌ ! والخطا متثاقلةٌ !! بين تموجاتِ الأثيرُ أسرابُ جرادٍ تلتهم وريقاتِ الضلوع، تمتصُ نضارَ الزهرِ على حفافِ الروحِ، المساءُ وسادةٌ محشوة بالأشواكِ، اليأسُ يزعردُ، يحفرُ نفوسَ الشبابِ، يقضمُ عزيمتهم، والفقرُ يقصمُ ظهورَ الأنقياءِ.
الليلُ المخادعُ لا عقيدةَ تردعهُ، ولا ضميرَ يثنيهِ عن الإمعانِ في سحقِ السنابلِ، يتمدَّدُ في جسدِ النهارِ فيحتلُ مساحاتِ الصباحِ، يقتلعُ شتولَ الحبقِ، يبذرُ غدرهُ في ثنايا النفوس، وينتهكُ عذريةَ الأبرياءِ.
أيُّها الحبُّ القاطنُ في جزرِ الغدِ، إلى متى يطعمُ المساكين خبزَ الصبرِ يابساً بلا حساء أملٍ يبلِّلُ شفاههم اليابسةَ ؟! فتندى حياتهم برحيقِ فرحٍ.
إلى متى تلوِّحُ الأغاني الزاهرةُ والأراجيحِ المغرِّدةُ من بعيدٍ للطفولةِ الشقيةِ ؟!
متى تتبدَّلُ فصولُ المأساةِ، ويبزغ الصبرُ عن أمانٍ ورديةٍ، فيلبسُ البؤساءُ في بلادي قميصَ الحبورِ ؟!
_________
مرام عطية