دين جديد / بقلم: علي عجيل

دين جديد / بقلم: علي عجيل
ــــــــــــــــ
خبر عاجل :
مظاهرات عدّة في أرجاء العالم وبمشاركة
جميع الطوائف والأديان المُختلِفة والمختلَفة، تطالب برجم المدعو “كرم” حتى الموت
بعد خلقه لدين جديد ! .
..
قبل عدّة أيام :
لكرم السّعيد جداً -رغم اقتراب موته- هواية يُروّح بها عن نفسه مُنتظرًا ساعة خلاصه الأبديّ .
-بعد سلبهم لحب حياته -.
كانت عبر التلصّص على العالم من خلال ثقوبٍ افتعلها في جدران سجنه الوجوديّ، لا غرض لهُ في ذلك سوى الاستمتاع بمشاهدة العالم الذي ما أتفق يوماً ، يتحد لمعاقبته .
لم يُحبّذ إشعال الشموع ولم يرد أن يحترق كي يُنير الطّريق ، فهو لم يلعن الظّلام ولم يُعاديه .
هو فقط كان يريد نور الفتاة التي يحب كغطاء .
بل إنّ في نفسه رغبة عارمةٌ في رؤية الظّلام مُخيّمًا في الأرجاء، ولكمْ يودّ أن يشهد ذلك اليوم الذي ستنطفئ فيه هذه النقطة الزّرقاء الباهتة –أمّنا الأرض- إلى الأبد .
..
يُمضي كرم أيّامه الطّوال مُختلسًا النّظر إلى المهازل الكُبرى التي تُرتكبُ في حظيرة البشر . حيثُ يتحد الجميع وسيقانهم غارقةٌ في المعتقدات الآسنة، غير عابئين بنُتونة الجوّ وفساد الهواء، لينالو منه .
مُستغربًا تجاهلهم الفساد الأصلي المُستفحل بهم
ومصدوماً من إصرارهم على قتل فكرته .
إنّ فكرة إتخاذ الحبّ كدين والقول بأفضليّة القلب على المعتقدات والإقرار بعبثيّة الوجود والخلوص إلى فساد طّبيعة النفس الدينيّة .
هي مصيبة كبرى بعيون هذا العالم .
تلك العيون التي قالت لا في وجه حياة لا طائل منها ودعت إلى وقف المهزلة عبر رجم صاحب الفكرة.
..
كيف للإنسان أن يحتمل مكوثه في هذا العالم، لولا تلك القوانين من الوهم الجميل (الدين، المُثل العليَا، شرائع الخلاص ، والمقدسات ) .
-يتهامس الناس فيما بينهم-
أما كرم فقد كان ينتمي إلى قانون الحبّ المطلق، حيث الانتماء إلى المحبوب فقط . وليس ثمَّة ما يدفعه إلى الحياة سواه .
…
أثناء المحاكمة :
يقول البابا الجميل :
لا يذهبنَّ في الظنِّ أنَّ كرم داعية كراهيَّة وصاحب فكرة تصفويَّة إباديَّة، فهو يكفر بمعتقداتنا وجميع ما نقدس .
-يصفق له شيخٌ جليل!-
يأتي سؤال من الجموع في القاعة موجهاً إلى كرم :
– ما اسمها ؟
ماريا .يجيب كرم .
– ودينها ؟
مسيحية .يلفظها بكل حبّ .
– استغفر الله ، أنت كافر حقاً .
يا للمسافات القصيّة !
والطفل ماذا ستسميه
حسين أو حنا ؟
ودين الطفل من عندهم أم من عندنا !
يصفق الخوري لصاحب السؤال المهيب .
وكرم يضل صامتاً لا يجيب .
..
لحظة صدور الحكم :
إنّ هذا العالم يسير وفق قواعد، تحكمها المعتقدات والدين .
وستطول القائمة إذا تمادينا في السماح لرغبات الإنسان الفاحشة
وأفكاره الغريبة بالاستمرار .
لقد قرّر المدعو كرم الاكتفاء بالحبّ كقانون مزعوم ، مهمته الوحيدة هي تخريب العالم والتبرّؤ من معتقداته، ولذلك لا عقاب أبلغ من الموت .
يقول القاضي وتُرفع الجلسة .
صفق الجميع وتعانقوا فرحيين !
..
سخر كرم من النَّوع الإنساني، بل وشعر بالعار عندما تذكَّر انتماءه إلى هذا النَّوع.
ثم تنهد وقال:
سيدي القاضي
كيف لتشددك بالحبّ ، أنّ يجعل منك قضية !
وشعارات المحبة الكاذبة ، تبدو غير منطقية !
هل كلّ هذه الوحدة الوطنية، غير حقيقية !؟
ولكنّ خذ الحقُ منيّ
وحدتكم جميلة ولو كانت
تتكلم بالسوء عنيّ .
..
سيدي القاضي
هذا الجسد قد مات ، منذُ عدة سنين
لكنّ الحبّ فكرة ، والفكرة لا تموت .
#alialajil96