27 أبريل، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

رجل الوحدة / بقلم: مُســيَّد المومني

رجل الوحدة / بقلم: مُســيَّد المومني

ــــــــــــــــــــــــ

 

لم تكن الوحدة يوما ما مشكلة أعاني منها، بل كانت مطلبا أسعى إليه، فقد عشت حياتي بالكامل على هذا النهج، تجنبت الكثير من الأشخاص الودودين الذين كانوا يسببون لي وسواسا، ويحثونني بإكراه كي أكون اجتماعيا مثلهم، كنت أردُّ السلام عليهم أحيانا، وأبادلهم حديثا مقتضبا في بعض المرات، وأحيانا أخرى أتجاهلهم، فيشعرون وكأٔنني لا أعرفهم من قبل، ولست بنادم، إنما ندم على معرفتي -فيما بعد-أغلب من حاول جعلي صديقا له.

بليد أنا، هذا ما أسمعه منهم، وكنت أسمع منذ زمن بعيد أنني كسول، لا أنفع لأبسط الأشياء! لا يهمُّني ما يقولون، كما لم يكن يهمني من قبل، أتخذ مكاني كي أكسب هدوء نفسي، وأرتاح من القيل والقال، عادة ما أشقُّ ضوضاء التَّجمعات بتجاهلي لها، ألغي صندوق الوارد من حساب “الفيس بوك” الخاص بي، مع أنني جرَّبت مرة أن أفَعِّلَهُ وليتني لم أفعل، هنالك أقارب نسيت وجودهم، نساء استنفدن طاقتهن وهن يستجدين لفت انتباهي لكسب ودِّي ولم يفلحن، أناس يرغبون بالتزاور التقيتهم في مناسبة عارضة وافترضوا أنني وافقت على صداقتهم، مساكين هم، ولصوص “أون لاين” كانوا أصدق من أرسل.

رجل الوحدة أنا، في منتصف الخمسين من عمري، أجيل نظري في البيت الصغير الذي اخترته بعناية حتى لا أُشجع أحدا على زيارتي، لأول مرة أرى منزلي رتيبا، جامدا، لا روح فيه، كأن شيئا ما ينقصه، فجأة… صاحت إحداهن بوجهي دون أن أبدي اكتراثا لسخطها وإحباطها: اللعنة عليك، أتمنى أن تموت وحيدا.

وحيدا… استرعت الكلمة كامل تحليلي لواقعي الذي اخترته عن طيب خاطر-ولم أندم للآن-، فثار بداخلي شعور الألفة لأذن تصغي إليَّ إن تحدثت، بدلا من هرتي الكسولة التي لا أجد منها إلا صوت المواء حين تجوع، وأدركت حاجتي لشخص ما يسألني أين أذهب ومتى أعود! وأحسست برغبتي لشخص يصنع لي من الطعام ما أحب وما أطلب، ثم استيقظت بداخلي الرغبة لشخص يزيح عن حياتي وحشتها ويؤتيها أنسها، شخص على هيئة زوجة.

مُســيَّد المومني، قاصة ورائية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.