شرانقُ الماسِ … تتحدَّى الخريفَ/ بقلم: مرام عطية

شرانقُ الماسِ … تتحدَّى الخريفَ
بقلم: مرام عطية
*******************
أنهارَ حلمُ الليلكِ الزَّاهي تحتَ مطارقِ الواقعِ العاتيةِ، تهدَّم قصرُ الوهمِ البلوري، شظاياهُ جرحتْ فازَ قصائدي الشفافةَ، بكتْ عيونُ الزهرِ أغانيها المترعةَ بالحبِّ، أُقفلتْ أبوابُ الرجاءِ في وطني المسروقِ، أحمالي الثقيلةُ ينوءُ بها جسدي النحيلِ، لا مفاتيح لمنازلِ الغدِ لديَّ، يبستْ أوراقُ الأحلامِ البنفسجيةِ، السَّواقي المبتسمةُ تصحَّرتْ في قلبي، ضاعَ عقدي الثمين، غامَ في المدى دربي، ما أضيقَ رحبَ الكونِ في مقلتيَّ!
ذاكَ الخلَّبُ البرقعُ كنتُ أحسبهُ نهراً يسيلُ عذوبةً كما أوهمني سرابُ ثرائهِ، أذخرهُ ليبابِ أيامي ، أمحو بأمواجهِ الزرقاءِ سوادَ الليالي، كلَّما نضبتْ أمواههُ مددتُ إليهِ جداولي ، أرفو مزقَ قميصهِ ، أرتِّقُ ما انكسرَ من أباريقهِ ،أغسلُ شحوبهُ بتراتيلي ، أكحلهُ بميلي وأقراطي ، وأهديه أساوري ليبقى آية الكمالِ والبهاءِ، لم أكن أَعْلَمُ أني أحفرُ بئراً عميقاً لخطايَ ، وأبني قصراً جميلاِ هشَّاً من الأوهامِ سيتدمَّرُ على هامتي عند أولِّ انحدارٍ ألمَّ بزوارقي ، و يتركني جثةً هامدة بينَ ركامِ الخيباتِ .
مرَّ الْيَوْمَ واقعاً قبيحاً كالموتِ، دامياً كالأشواكِ، قاسياً ثقيلاً كالمصيبةِ دهسَ عصافيري بسيارتِه الفاحمةِ، ورماني مع أكياسِ القمامةِ في آخرِ الحاويةِ ساخراً: (المالُ لغةُ العصرِ، أشتريت به أعلى المناصبِ وأفخم الشهاداتِ، هذا قانون العدلِ في الحياةِ، ابحثي عن منزلٍ لك بين الأوساخِ والمستنقعاتِ حيثُ رميتكِ، دعي شهاداتكِ وقصائدك الخرافيةِ تنتشلكِ من الغرقِ) يا لألمي!
ماذا أقولُ لروحي التي رمت بكلِّ أسلحتها في بحرِ النبلِ، وأهدتْ كلَّ ذخائرها إلى السرابِ، كم من الأعذارِ يحتاجُ قلبي ليسامحني ويعفو عنِّي !! وماذا أقولُ لعينيَّ التي رسمته نخيلاً يقرأُ تاريخ َ ياسميني ؟! أيُّ بلسمٍ سيداوي جرحي التليدَ؟
مهلاً، أيُّها الخريفُ الطاووسُ، طائرُ الفينيقِ يولدُ من رمادِ اليأسِ، من سماد خيباتي ولدت شرانقي، سنديانتي الفينيقيةُ تتحدَّى الريحَ تستعيدُ كنوزي، تعيدُ صوغها، مزنُ الشتاءِ يسقي غراسي في الظلِّ، تنمو شرانقي بسرعةٍ تحتضنها أمومةُ الشَّمسُ، تخصب روحي بدفئها، يتسللُ النسيمُ لمسامي، ينهمرُ السَّحابُ غزيراً، أرى شآبيبَ ماسةٍ تلمع في حقولي، سأتحدى الرياحَ، ماستي الفينيقيةُ ستخبركَ عن فصلٍ جديدٍ من الجمالِ وأقاليمَ خصبٍ، تتأوجُ الدُّنا.
___
مرام عطية