عرائس غزة/ بقلم: فداء الحديدي

عرائس غزة/ بقلم: فداء الحديدي
ــــــــــــــــــــ
حاولت جهدي وأنا أناديها من بعيد، اسمع صوت التلفاز وهو يصدح بنبرات وطبقات صوت مختلفة، تعلو تارة وتنخفض تارة أخرى.
أنا في الداخل لا أستطيع ترك ما أقوم به من أعمال يجب الانتهاء منها قبل الظهيرة، وإعداد طعام الغداء للصغيرة، مناداتي باءت بالنجاح فسمعت صوتها يقارب صوت التلفاز، فاطمئن قلبي إنها بالجوار ولا تعبث بأغراض البيت ولا تلعب بالخارج.
بدا صوت التلفاز يخبو قليلا , ناديتها تارة اخرى , فسمعت صوتها ينادي إسمي فضحكت في سري , … وقلت ’’ إبنة الرابعة وتناديني بإسمي اذن كيف ستناديني بعد العاشرة ’’ ضحكت مجددا ثم وجهت لها بعض التعليمات الخاصة باللعب وتحذيرها بعدم الخروج إلى خارج البيت، حيث تحب ان تلعب مع ققط الشوارع.
قاربت على الانتهاء، أصبح صوت التلفاز عاليا او هكذا بدا لي، أصابتني ريبة فناديت عليها، فسمعت صوتها خافتا هادئا، صوت التلفاز أصبح صارخا وصوت ابنتي بدا يخفت شيئا فشيئا مناديا’’ بأمي ’’.
أصوات تحطم في كل رجاء المنزل، مازال صوت التلفاز يعلو، خرجت بسرعة وانا أبحث عنها، هرولت بجنون حول مكانها، صوت هادر يعصف حولي من كل مكان، لا أعرف أهو صوت السماء أم صوت الأهل حولي أم صوت ماذا، حتى …. تعالى الصوت أكثر وأكثر، أصبحت اسمع صوت التلفاز في كل مكان حولي، وبقيت أبحث عنها في كل مكان حولي، بحثت علني أجدها بين التلفاز وبين اي قطعة قد تكون حولي، سمعت صوتا ينادي، لملمت نفسي، لوي صراخا وصمت مريب حولي، لم اعد اسمع شيئا إلا صوت التلفاز وصوت انفاسي اللاهثة.
لم أدرك ان صوت التلفاز كان بجانبي ومن فوق ومن أسفل مني وفي كل رجاء الحي حولي، حتى تسمّرت في مكاني انظر إلى شاشات التلفاز في كل مكان، أشاهد نفسي وأنا أرفع عنها قطع الصخر، وأنفض التراب عن جسدها الصغير، وألملم جسدها الذي تناثرت اطرافه ولم تبق القنابل منها إلا يدها الصغيرة تمسك عروستها وهي تضغط على صدرها منادية’’ أمي ’’.