قراءة في نص “يا امرأةً” للكاتب أسامة الخولي / بقلم: ثناء حاج صالح

قراءة في نص “يا امرأةً” للكاتب أسامة الخولي / بقلم: ثناء حاج صالح
ـــــــ
قنصة شعرية (نقد) للشاعر أسامه الخولى والذي كتب نصا يعتبرَه هو شخصيا مجرد (نفثة مصدور) ، وهو لا يحسبه شعرا خالصا. غير أنني أردت اقتناص هذا النص ليكون مثالا عن نقد دلالات المعاني في الشعر لسبر أغوارها نفسيا واجتماعيا .
.
قد سقط قناعك
يا امرأةً
لا تُغلقُ مزلاج الباب عليها
يعبرُها كلُّ رجالِ الحيْ
كي يبصقَ كلٌّ منهم في نهديها
شيئًا من حزنٍ
ويمرْ
.
هجاء على الطريقة النزارية لم تذهب فيه دلالات المعاني لتعنيف امرأة (عاهر ) مغضوب عليها ومنها فحسب، وإنما جاءت الإشارات لتدل على أن الشاعر قد اجتهد في إيجاد عذر لكل رجال الحي الذين طرقوا باب تلك المرأة . فهم يريدون أن يبصقوا حزنهم ويمرّون ، لا أكثر ولا أقل . مع أن الفعل المشترك الذي يمارسونه معها يجعلهم في منزلتها نفسها من حيث التوصيف والتصنيف وهي منزلة ( العهر ) .
غير أن التماس العذر لهم بكونهم بائسين مضطرين لبصق شيء من أحزانهم عليها . يجعلها في رأيي أكثر بؤسا منها . لذا فإن سقوط قناعها ينهي محاولاتها بالتمويه ويريح الآخرين . في حين أنهم يستمروّن بالمرور ويستمرون بالترويح عن أنفسهم عبر البصاق .
من الناحية الفنية :
حبكة المشهد النفسي المضطرب في هذه الصورة الشعرية جعلت النص أشبه بنسيج القصة القصيرة جدا ( ق.ق. ج) مع مفارقة القفلة التي أوحت بعدم مؤاخذة الرجال الذين يأتون ليبصقوا حزنهم ثم يمرّون . والحقيقة أن هذه النظرة المتفاوتة في الحكم على أخلاق الرجال والنساء والمترسخة في الأعراف الاجتماعية التي يسودها امتهان المرأة لنفسها مشفوعا بامتهان المجتمع لها تعكس علاقات إنسانية مشوَّهة لأناس مقنّعين رجالا ونساء . وكلا الجنسين فيها يعانيان.
.
يعبرُها كلُّ رجالِ الحيْ
كي يبصقَ كلٌّ منهم في نهديها
شيئًا من حزنٍ
ويمرْ
.
من الذي يتحمل النصيب الأكبر من العار هنا ؟
.
مع احترامي للشاعر الكبير أسامة الخولي والذي أعده في طليعة الشعراء العرب المعاصرين الأكثر إبداعا في رسم الصور الشعرية المبتكرة.