29 أبريل، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

كيفَ أشاركُ خسرانَ دمي / بقلم: ميرفت أبو حمزة

كيفَ أشاركُ خسرانَ دمي / بقلم: ميرفت أبو حمزة

____________________

 

كفّايَ باردتانِ

وهل تكفي الكافُ

لردمِ هوّةِ التشبيهِ وهولِها ؟!

باردتانِ كدماءٍ في جسدِ شهيدٍ ..

كحبةِ تفاحٍ منسيّةٍ أعلى الشجرةِ ..

كالسماءِ في معاركِ الغيمِ والريحِ ..

أيها الشتاءُ الحزين..

فاضتْ ينابيعُ الكلامِ بدفئهِ وانحسرت

فعبِّئْ موقدَكَ من بعضِ حطامي

حتى تَلبسَ دفئي حينَ تمرُّ على الفقراءِ والمفؤودينَ بشُبهةِ الموتِ الأكيدة ..

إخترْ ألوانَكَ من وهنِ ربيعي

وارْقُدْ حيثُ قرأتَني يا شتاءُ ..

ليلةَ تكدّسَ الحزنُ

مثلَ الثلجِ فوقَ القرميدِ

فانهمرَ شِعْراً وشاركَني بعضَ انهماري ..

سأستقصي عن كلِّ قطرةِ ماءٍ

خَلَعَت ثوبَ العاصفةِ

وشقّتْ فرجَ الأرضِ ..

وسأسألُهُ : كيف يكفرُ الماءُ بأرضهِ

أيّها الماءُ .. مباركٌ أنتَ كالأنبياءِ

فارْفَعْ هذا القحطَ الجائر

عن هذه الحقولِ ..

فقد صادرَ فرحَ أهلي البسطاءِ

وسأستقصي عن حفنةِ دفءٍ بين الظلالِ ..

عن وهجِ حقيقةٍ

لا تُبدِّلُ ملامحَها في تغيُّرِ الفصولِ ..

فطفلةُ دنفٍ في الجنوبِ ما زالتْ ترتجفُ ..

أبحثُ عن سماءٍ لا تخون ..

عن سقفٍ لا يطيرُ إن منحوهُ أجنحة ..

عن شعاعٍ صادقٍ للشمسِ ..

كي يلتمعَ الجريانُ على وجهِ النهرِ

فيتقافزُ السمَكُ إلى أفواهِ كلِّ النوارسِ الجائعةِ ..

أنا لن أصنعَ من دربي خبراً

كي ألقى مُبتدَئي..

فلي من هشاشتي ظلُّ قيامةِ الابتداء

لن أرضعَ ثديَ الغيمِ الأسودِ كي أتوهج

سأغرسُ كفَّيَّ في أرضي

حتى تتفرعَ أغصاناً وسنابلَ ووروداً ..

وأوزّعَها على كلِّ الدروبِ والطرقات

المحاصرةِ بالجوع ..

إنْ عبرَ طيفُ وداعِك ..

لو صارَ وشَرَدَتْ خطواتُكَ نحوي ..

لو أخطأَ نحلُك .. ضَلَّ طريقَهُ وآبَ إليَّ

لو أفلتَ كفُّ أفولِكَ وصادفَ كفّي ..

إني أتبعُكَ ضواءً من أمسٍ دامسٍ

فأخفِضْ هامتَكَ وخذْ قبَساً منّي

كي نتشاركَ إرثَ الأمسِ ولثغَتَهُ ..

أُنظُرْني حينَ يلَّوحُ وحدَهُ وردُ الدارِ

ويقطفُني حضورُكَ الغائبُ زهرةً ..زهرة

أنا لا خبزَ لديَّ

كي أكسبَ حربَ الشَّبَعِ عليكَ ..

أنا لا مِنّةَ تُرجِعُني من جوعِي إليكَ ..

فكيفَ أشاركُ خسرانَ دمي ؟

كيفَ أكفكفُ دمعَ كتابي ؟

أو أرفعُ أدعيتي لربٍ حجبوهُ عن الرّعيّة

بحجةِ قلّةِ الصبرِ

على إحقاقِ ألوهةِ الحُكّام !

لا معبدَ .. لا مسكنَ .. لا مأوىً

يسترُ عورةَ إجاباتي أو أسئلتي

حينَ تتكوّرُ القصيدةُ على يتمِها

وأنوسُ كقنديلٍ ظلَّ يضيءُ هباءً

قلبَ العتمةِ ..

لا وردَ أُقدِّمُهُ إلّا دمي

وأنا أنزفُ فوقَ صفيحِ النارِ

كي لا يشحُبَ تاريخُ نزوحي

كي لا يُنسى أثَري ..

أُنظُرْني

حين تفرُّ عصافيرُ دموعي

وتتوارى بينَ الظلالِ الخائفةِ ..

أُنظُرْني لو مزَّقَ الريحُ غيمةً مسافرة ..

أُنظُرْني وستهطلُ روحي مطراً

كي لا تفنى حدائقُ أرضي

وتبقى منتشيةً بدماءِ رؤاي ..

والتقيني ..

قبلَ أن تُمَزَّقَ أزهاري وغصوني

فإن هذه البلادَ تُحرّمُ الحياةَ على الورد

كي تبقى أكاليلُ الجنائزِ مستمرة….

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.