من أول الآه/ بقلم: عبد الحميد الرجوي

من أول الآه/ بقلم: عبد الحميد الرجوي
ــــــــــــــــــــ
مِن أَوَّلِ الآهِ حتى مُنتَهَى البُؤسِ
سَبعونَ عَاماً .. تُـعَـرّي كِذْبَةَ البَأسِ
سَبعونَ عَاماً .. أَقَادَتْ في اْرتِعاشِ يَدي
سَيفَينِ مِن خَشَبٍ ، ذَابا على الكُرسي
سَبعونَ عَاماً .. و حَولي أَلْـفُ مُومِسَةٍ
عُهْراً .. تُعَربِدُني في نَشوَةِ الكَأسِ
وفي دَمي القِبْلَةُ الأُولَى تُسائِلُني
عَنِ البُراقِ ، عَنِ المَيمونِ في الإنْسِ
عَنِ (المَسيحِ) عَنِ (العَذراءِ) عَنْ نُسُكٍ
يَهْمي على القُبَّةِ الصَفراءِ بالخَمْسِ *١
بالكَادِ أَسمَعُها تُلْقي على أُذُني
صَدَى أَنينٍ لثَكلَى خَافِتِ الهَمسِ
و الصَمتُ في دَاخلي دَوَّى بِتَلبيَةٍ
و هل يُلَبّي ذَبيحاً فَاقِدُ الحِسِّ !؟
و قَابَ جُرحَينِ أو أَدنَى يُمَزِّقُني
باْسمِ العُروبَةِ ، يُدنيني مِن المَسِّ
يا (قُـدسُ) مَـعـذِرَةً ، إني شُغِلْتُ و بي
جُرْحٌ قد اْمـتَـدَّ مِن (صَنعاءَ) (للقُدسِ)
لَمْ يَبْقَ للجُرْحِ في أَحشايَ مُتَّسَعٌ
فَجِئتُ أَعْـصِـرُ في زَيتونِها نفسي ؟
إني أَتَـيـتُـكِ يا أُمَّ الـجِـراحِ عَـلـى
جُرْحٍ (لِبلقيسَ) زَفَّ النَعْيَ في عُرْسي
فَجِئتُ أَحمِلُ أَقدامي و قد بُتِرَتْ
حَبْواً إلى رُكْنِكِ الأقصَى على رأسي
يا أَوَّلَ النَبضِ في مِحرابِ بَسمَلَتي
إني أُصَلّيكِ في تَسبيحَةِ الشَمسِ
يا سُبْحَةً في يَدي ــ كالعقدِ ــ قد نُظِمَتْ
حَبَّاتُها مِن أَسَى الزيتونِ في الحَبْسِ
لا تَذرِفي عَبَراتِ الطُهْرِ ، و اْشتَعلي
عِزّاً ، فَإنكِ إنجيلٌ بِلا قِـسِّ
ما زلتُ أَقرأُ في عَينَيكِ (أَندَلُساً)
رغمَ القَذَى ، و قُرونٍ سَبعَةٍ تُنْسي !
إلى مَتَى و قُيودُ الرِقِّ دَاميَةٌ
بِمعصَمَيكِ ؟ وما أَنكَى جَدَا الفِلسِ !
أُوّاهُ يا وَجَعَ الزيتونِ خُذْ بيَدي
فإنكَ الجُرحُ و التِريَاقُ في النَفسِ
سَبعونَ عَاماً وما زَالَتْ عُروبَتُنا
مَصلوبَةً في أَنينِ الحَائِطِ المَنْسي
شَرقيَّةَ الجُرحِ ما زَالَتْ مَلامحُنا
أَمّا النفوسُ بَدَتْ غَربيَّةَ الجِنْسِ
في لُجَّةِ الذُلِّ ضَيَّعنا الخُطَى ، فَمَتَى
جِيادُنا تَنتَهي مِن رَكْضِها العَكسي ؟
ماذا فَعَلنا هُنا ؟ و (القُدسُ) قد ذُبِحَتْ
مِن الوَريدِ بِتَفويضٍ مِن الخَمْسِ *٢
على أَكُفِّ التَمَنّي نَرتَجي قَدَراً
أَلْقَى تَمَائمَنا في بَيدَقِ النَحْسِ
اليومَ تَسَّاءَلُ الجَوزاءُ عَنْ عَرَبٍ
كانوا أَهِلَّتَها ــ في الدهرِ ــ بالأَمسِ
أَضَلَّهُمْ بُهْرُجُ الدنيا ، فَما صَدَقُوا
يَوماً لِغَضبَتِهِمْ كالصِدقِ في الأُنْسِ
لَمْ يَبرَحِ الوَهْنُ نَفساً مِن نُفوسِهِمُ
كأنهمْ أُشرِبوا عِجْلاً مِن اليَأسِ
لَمْ يُدرِكوا بَعدُ ( سُبحانَ الذي ) نُسُكاً
و اْستَقبَلوا قِبْلَةً ( للأَسوَدِ العَنْسي )
جُرحَانِ بي ، و أنا المَصلوبُ بَينَهُما
جُرحٌ تَلَظَّى ، و جُرحٌ لَـيَّـنُ اللَّمسِ
و إنني بِهِما الذَّاوي بِبَعضِ دَمي
و بَعضُهُ سَالَ بَينَ ( الرومِ ) و ( الفُرسِ )
مَتَى أَكونُ أنا !؟ و الأُمنياتُ خَوَتْ
مِنّي ، مِن الأَرضِ ، مِن (نَجْدٍ) مِن (الأَوسِ)
( كالسَّامِريِّ ) هُنا نَبدو بلا ثَمَنٍ
إلا مِن العِجْلِ لا تَخجَلْ مِن اللَّمسِ
عُدْ بالقَضيَّةِ يااْبنَ الأَرضِ ، صَلِّ لَها
فالأَرضُ عَطشَى إلى قُدسيَّةِ الغَرْسِ
عُدْ بالخُيولِ خُيولِ المَجْدِ فَاتِحَةً
فَأَنتَ أَولَى بـ (إِيلاتٍ) مِن الـرِّجْـسِ
لا تَسأَلِ الجُرحَ بَرْءَاً ، و اْستَبِدّ بِهِ
فَالجُرحُ بالجُرحِ يَشْفَى ، فَاْصغِ للدَرسِ
أَعِدْ إلى حَائِطِ المَسْرَى مَهَابَتَهُ
و خُذْ بِناصيَةِ الدنيا ، و قُلْ قُدسي
……………………
*١ الخمس : إشارة إلى الصلوات الخمس المفروضة
*٢ الخمس : إشارة إلى الخمس الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي
…………………
عبدالحميد الرجوي