نبض معنوي لا متناهي/ بقلم: منى بعزاوي

نبض معنوي لا متناهي/ بقلم: منى بعزاوي
………..
عندما تفقد شخصا عزيزا عليك في حياتك…تنهار أحاسيسك، تتوه داخل الألم، تستبد بواقعك، تطوف في العدم، تشعر بقيمة الفقدان، تتعثر كي تعود من جديد، تتأرجح بين ثنائية الألم والأمل، ما عدت ترى الأشياء على حقيقتها، تعتزل، تتوق لمعانقة الكتمان، الاعتزال، الانزواء في ركن من الأركان… إن الفؤاد إذا أسكن عزيزا صار عاشقا ولهانا به لحد الهوس، لحد الجنون، تمر الثواني والساعات والأيام والسنوات ولا ترى غير جمال الشيء في الوجدان.
الأهم أنك تشعر بذاتك، بالآخرين، تشعر أن قلبك ينبض بنبضات الهوى و أنك ولدت لتكون فاعلا غير مستهلك، غير خاضع، غير مكترث للعبثية في الوجود… تشعر أنك “إنسان” تتحدى طعنات الزمن، القدر، تتحدى حتى ذاتك أحيانا لتكون أنت القدر، لتكون صانع الاستمرار، الداعم للوجود، قد تقف بين الحين و الحين تبحث عن ذاتك المفقودة، عن آفاقك المجهولة، عن حرياتك المسلوبة، عن وطنك المطعون، تتوه بين عتبات الحياة، بين عثرات الزمن، تقف فتجد نفسك وحيدا، تسقط فتزداد وحدتك، تثور فتنقلب عليك الحياة لتكون أكثر تعاسة…
ماذا جنينا من الحياة سوى الترحل؟ وماذا اقتنينا منها سوى التأمل…؟ قد فزنا بنبضات الصدق والأجمل أننا تعلمنا نفكر في الوجود الأبدي ونترك الموجود لأهله ليسهرون على دماره رويدا رويدا، وليتعلموا أن العبث في الحياة جزاء العابر، وأن الشهادة جزاء المقاوم الصامد، وأن الحياة الوردية جزاء الفنان المجنون…سنترك الدنيا يوما راحلين عنها بلا عودة…. وسنعيش في البرزخ رفقة الأرواح التي تستهوي وجودنا حولها لا طمعا في أجسادنا، ولا طمعا في زادنا الدنيوي، بل طمعا في إنسانيتنا التي هي الجوهر المعنوي الخالد الذي لا يموت…