28 أبريل، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

بين الالتزام والفن/ بقلم: زيد الطهراوي

 

 

 

 

 

 

بين الالتزام والفن/ بقلم: زيد الطهراوي

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الزهور والطيور والينابيع كلها مظاهر طبيعية تجلب انتباه المبدع فيصفها شعرا أو نثرا، وقد يطول الوصف؛ فإذا غادرها انتصر شعر الحنين إليها فلبس أثواب الوصف وأضاف عليها ألوان الشوق والبكاء

فقد تجد لشاعر أندلسي قصائد كثيرة في وصف المظاهر الطبيعية الخلابة، فكأنه متخصص في رسم التضاريس، صارف وقته في الاهتمام بها

أما في العصر الحديث فقد كثر الكلام عن الالتزام؛ وهل واجب على المبدع الفنان أن يلتزم بقضايا أمته ووطنه على اعتبار أن قضية الفن مفروغ منها، وأن المختلف فيه هو الالتزام فقط؟

وأجمل ما قيل في ذلك أن من ولد وفي فمه ملعقة من ذهب ووطنه لم يتعرض للتهميش والتهديد أو الاحتلال في أسوء الأحوال فإنه معذور في ترك الالتزام والانهماك في وصف نهر منساب أو طائر مدهش حال سكونه وتحليقه

أما من ولد وعلى رأسه ورأس أبناء جلدته تنهال المتاعب؛ فهو ليس معذورا في الانسلاخ عن واقعه وواقع المحيطين به؛ والعيش في عالم آخر من الورود والأشجار والطيور.

هذا الالتزام حتمي ولكن المثير للانتباه هو أن الشاعر مطالب من جمهوره بأن يوضح كل ما يكتب، وهنا يحصل التصادم بين الفن والالتزام، فالشعر جمال، والوطنية جمال، وحقوق الإنسان جمال، والحث على القيم السامية جمال، وهذا كله بحاجة إلى أن يكون المتلقي واعيا لضرورة أن يبدع الشاعر في صوره ورموزه مع التزامه بقضايا أمته ووطنه وقضايا الإنسان الشاملة،

فكم من قصيدة لا تحتوي على المستوى الأدنى من القيمة الفنية انتشرت بين الصغار والكبار، لأنها تتحدث عن أمر مهم كالوطن أو الظلم أو الحرب التي تشرد الضعفاء بلا ذنب.

وكم من قصيدة شمخت بأدائها الفني مع التزامها ولكنها لم تنتشر بالصورة التي ذكرتها في الحالة الأولى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.