سنواتنا بالكلمات/ بقلم: عامر الطيب

سنواتنا بالكلمات/ بقلم: عامر الطيب
…………..
سنواتنا بالكلمات
وتلك تجربة طيبة إذ سيصبح
عمري ثلاثين كلمة
وعمرك ثلاثين كلمة أيضاً
لكن لن تكون الكلمات
نفسها حتى إن بدت حادة وصغيرة
وبالكاد تتحرك تحت تشوش النظر
وإضافة إلى ذلك
ستصير لنا الحياة المريرة ذاتها
التي تجعلنا نصرخ مرة
أو نتوقف عن الكلام عن قصد
وستقع هناك النهاية الصادمة
إذ ستموتين عندما تصير كلماتك وفيرة
وأموت عندما تتقلص كلماتي!
♤
أعجبك النص فظللت تسأل عن صلة
قد يكون صاحبه ميتاً
أو متوقفاً عن الكتابة
أو لعله وجد تذييل النص باسمه
لعبة ملتبسة
ففضل أن يدعه مجهولاً.
أن المجهولين أحرار
ذلك أنك لو وجدت اسم أحد تحت
هذا النص
لما أحببته بتلك الحفاوة
ولنسيته مباشرةً.
لكنك لن تتمكن من النوم إلا وقد
وجدت حلاً
لقد أعجبك النص
وأنت تقرأه مرة أخرى
أو لنقل إنك أحببت النص الغريب
إلى الحد الذي جعلك تبتكر له أهلاً!
♤
الله هو الذي خلق الشعر
كما خلق المقبض ولم يفعل ذلك
من أجل أن نفتح الأبواب
فهي لم تكن معروفة آنذاك.
كانت الحياة طرقاً
وكان من المتوقع أن تبقى مفتوحة حتى الآن
لو لم يتوتر شعراء نبلاء
بالنظر للمقبض
ويبتكروا لنا الأبواب!
♤
من الأفضل نضيع الآن
أم غداً؟
الآن ليل وغداً ليل
ورغبتنا هي رغبتنا
لكننا لو ضعنا غداً فستكون نهايتنا
أما هذه اللحظة
فقد نضيع ونحزن
فنهدأ وننام
ولعل المياه والألوان والفضائل
كلها تعي الأمر
ثم أن هناك شعوب لا نعرفها
ضاعت الآن
وشعوب أشد حساسية مثلنا
آثرت أن تضيع في المستقبل!
♤
هذه الأرض ممحاتي التي أعدل
بها كلماتي العجولة
وهي بعد ذلك
بيتي
عندما تطردني أمي وأنا طفل
بالكاد أفهم
أين يمكن أن أجد مكاناً دافئاً
في شتاء معتم
أنتم تعرفون
أن الأرض الشاسعة لا تسع
المغلوبين
وأن الأماكن كلها تبرد في الليل!
♤
كوني حاجاتي
لأحرص عليك مطولاً
أؤلف عنك القصص وأدفع
من يحاول إيذاءك
أو من يفكر بتقمصك
مثلاً
وإذا صعب عليكِ الأمر
لأنها لعبة لم تعجبك
فيمكنك أن تكوني حياتي
لأن حياتي لا يمكن نسيانها!
♤
طيور البحر صغيرة
لأن البحر شاسع وموهوم
أو لأن الطيور
نفسها حزينة ومتفاجئة
مما عرفته الآن
وستمضي الحياة
على هذا المنوال
فتضيق البحار في الأعماق
وتكبر الطيور الصغيرة في القفص!
♤
ظَلي على رأسي أيتها الشمس
أنت قبعتي
وأنا هارب أقف الآن
لأعرف كم تبقى من الوقت
في هذه اللحظة فقط
وبعد ذلك سيكون الليل
لكنه ليس ليل العالم جميعاً
ومن أجل ذلك سأخلع بقعتي
لأرتاح!
♤
قال والداي:
لا تمش مع علي
ولا تجلس معه في مقعد
الفصل.
وعلي كان طفلاً شائباً وحزيناً
ولديه نوع من الدعابة المؤلمة
مثل أنه يقول
سأموت غداً
ثم يختفي فجأة ليفجعنا
ومن المتوقع أنه يفعل ذلك ليجعلنا
أكثر حنانا نحوه.
والحال أننا صرنا نمشي معه
سراً
وأخبرنا أهلَنا
أنه مات ولا يمكن أن ينجح في المدرسة أبداً.
غير أن خبر موته
صدم الجميع،
قيل إنه كان يجرب أن يختفي
كالعادة
مشى هذه المرة طريقاً طويلةً
لئلا نمشي معه
ثم نسي الوجهة التي تعيده
إلى البيت!
عامر الطيب