28 أبريل، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

 مُلهمتي…/ بقلم: سكينة الرفوع

 مُلهمتي…/ بقلم: سكينة الرفوع

……………………

 

لم تكن مجرد كلمة أسمعها منه للمرة الأولى في حياتي… لن أستطيعَ وصف المشاعر المختلطة التي شعرتُ فيها آنذاك بين الدهشة والذهول حتى أنها طغتْ على مشاعر السعادة التي أتتني متأخرة فيما بعد ….

كان علي ألا أكتفي بمعرفتي بمعناها…

هي من الإلهام والسحر والجمال …هذا ما كان يدور في ذهني …

لا ..لا ..لن أكتفي بذلك ….فقد شدني الفضول لأعود إلى هوايتي المفضلة ” البحث واللعب في عالم الكلمات بين ثنايا لسان العرب ”

لأعرف معناها بدقة… فقد اعتدتُ أن يكون هذا الكتاب من أقرب الأصدقاء لي ..أحتاجه كثيرا ..فأجده دوما بانتظاري دون أن يخذلني أو يمل مني …. وبالفعل بحثتُ عنها في معجم ” لسان العرب ”

لا أخفي حقيقة أن مشاعر السعادة المؤجلة كانت عن قصد …لتكون مضاعفة …

بعد أن عرفت معناها بدقة….

 

نعم …صدّقتُ ما سمعت حقا كان يقصدني ” أنا ملهمته ” ؟؟؟ !!!

أسأل نفسي هكذا وأنا أضحك في دهشة غريبة …

كم مرة استمعتُ لشعره وهو يقرأه وأعجبتُ به …ولم يذكر ذلك لي …

كثيرا ما سألته ما سبب الغموض والسحر الذي يسكن قوافي شعره …

فيجيب بلغة تزيدني غموضا…. ولا تشبع معرفتي بحقيقته..

كنتُ أقول:” خلف كل غموض هناك فضول ..”

وبالفعل هذا ما جعلني أقترب من عالمه لأقتل الأسئلة بداخلي والتي تشدني بفضول عجيب نحوه …

يجب أن أفهمه…أن أعرف سر هذا الغموض….

 

حاولتُ أن أفكك مفرداته وأغوص فيها …لكن رمزيته كانت أقوى من احتمالاتي التي تتكاثر بسرعة غريبة …

وكنتُ كلما سألته عن بيت ما أو كلمة …كان يغيظني بعبارته التي يكررها كلما سألته:” المعنى يتركه الشاعر للقارئ ولا يفصح عنه …. أقرئيه بلغتك أنت …وأنتِ أفقكِ واسع وأثق بقدراتك   ”

كم كانت هذه العبارة تستفزني وتخجلني أيضا.  . إنه يراهن على معرفتي…

يكاد التحدي يقتلني….

حسنا…. سأحاول أن أتجاهل دهشة أسئلتي له. وأكتف بقراءتي الخاصة.

 

أعترف أنني في كل مرة أقرأ لأشعاره تمنحني كلماته حالة من التحليق…

نعم ..هذا ما كنت أبحث عنه. فأجده في كلماته…هي من تحلق بي بعيدا بعيدا في الأفق….

الشعر الذي لا يجعلني أحلق فيه لا يشبع رغبتي…

الذي يخلق في كل مرة حالة جديدة تعيشها ..كأن تشعر بشعور لم تشعره من قبل ..

وفي كل مرة معنى جديد أو فكرة جديدة . .

يا الله!!! هذا ما كنت أجده في شعره…

أي سحر هذا… ؟؟!!!

أي فضاء خيالي تملكه ويصبح من ثرواتك…؟!!!

أي عالم من الكلمات تسكنه لتكون مَلِكا فيه؟ !!!

 

أمطرته بهذه الأسئلة عندما قرأ لي آخر نص كتبه.. وقد طلب مني قراءته بتمعن أكثر …وأن أقرأه أكثر من مرة…. كانت المرة الأولى التي يطلب مني هذا الطلب..فقد اعتدت أن أقرأ شعره دون هذا الإلحاح العجيب…والذي دفعني وبقوة أن أنفذ طلبه دون تردد …

بالفعل جلستُ في ركن هادئ …بمجرد النظرة الأولى توقفت عند عنوان النص ” ملهمتي….”

كان لهذه الكلمة وقع كبير في قلبي …تجاهلتُ وقتها كل المشاعر التي تنتابني وأكملت قراءة النص ….

شعرتُ هذه المرة بحالة غريبة …. أسئلة كثيرة جدا تجتاحني دون توقف …وهذا السيل العنيف من التوقعات يبعثرني مشتتة….

لا …لا أريد أن أستمع لها …

 

توقفت قليلا…ثم أعدت قراءة النص مرة أخرى..

وهربتُ بعيدا…. من كل التساؤلات والتوقعات التي تلاحقني…

لم أكن أعرف أنه كان يراقبني من بعيد ..وأنه كان يتابع خطواتي حتى وصلتُ إلى هذا الركن …

 

كنتُ أقرأ النص وفي كل مرة يزداد حجم ظنوني …. وهذا الخوف الموحش الذي كنت أخشاه…… تبدد

 

……..فجأةً….

 

عندما لمحته وهو يناديني من بعيد ….

 

” مُلهمتي …. ”

أنتِ…….”

 

كنتُ قد تركتُ الدنيا عند هذه الكلمة…. ومضيتُ ”

 

سكينة الرفوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.