أمس أحصيت الراحلين/ بقلم : بسمة أمير

أمس أحصيت الراحلين/ بقلم : بسمة أمير
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أبحث عن أوجه للتلاقي
حتى لا أتهم بالسياسة
الشعر السياسي أن أقول أحبّك
والسياسة أن تحبني
لا تزرع حرفاً يابساً في حنجرتي
وتستنكر نضبَ غنائي
أنا ابنة الموسيقا حين تعزف لرقصي
يا وطني
كيف أطرب لعزفك
وأراوغ اندلاع الفراغ والظلام في فضائي
كل جهاتي باتت تعلنُ الغروب
وأنا أعلن أنّي
أفضلُ حربَ الرصاص على حرب الأمعاء الباردة
وأفضل لو تحسن الظّنّ بصوتي
أحتاجُ أمهرَ المترجمين
كي لا أخطئ فهم الوطن
فهل أنت مثلي ؟
تعاني تلعثم العقل في قراءة كفّ الزّمن
وتخطئ رسمَ الخارطة مرتين
شتاتَ حاضرٍ في دفترك
وزمناً مفقوداً في مريلة طفلك
تفسدُ لحظتَك الشّهيّة بالضّياع
وتجر خلفك هذي المقابر
الموتى ياأبي لا يرثون الحياة
فلا تراهن على عظام قبرك
حقاً
تغيرتٔ سحنة الأيام ، بتغيّر وجهك
وبت لا أشبه أمّي ، كما لا أشبهك
غريبة كرسم كرتوني لشبح حرب كئيب
يحصي الحزن والضحايا
أمس أحصيت الراحلين ، كنت بينهم
رأيتك تفر من بين أصابعي كدخان سجائري
ترتسم أمامي في دوائر من ضباب ،
تتلاشى و تغيب
أنا مرثيتك الكبرى
الأولى والآخرة
فلم لا تحتوي جنوني ، حتى لا تهزأ
منّا ذاكرة المراعي
لا أريد إحراج التاريخ بالفقاعات
ولا بقواعد عشق المارقين
سأطوي على أوجاعي الجريدة
وعلى أخبارك التي لا تشتهي كوابيسي
وهلوساتي
وأدعي الانتظار
أتفقد ما ملكت إيماني
وأحتفظ برطل الشعر الكاسد في رئتي
وبقصيدتي الحمراء التي أسكنتها فراغاتِ صدري
وكنت أنوي أن أخونك معها
لكنّ تجاويفي العميقة أفسدت عمق الحبّ
في سطوري
هذي البلاد أسوأ نكتة فاحشة
على لسان مراهق تُدار
العقل يقتضي ان أمسك بطرف لساني
وأصوم عن الحروف
وفوق الماء أطفو بسلام
وعن ابتسامتي
أقول إنّ أمّي التي لم أعد أشبهها
نبشت تراب صدرها لتستر ظلّي المنكسر
على الدوام ،
وأنا كنت أرمم صدرها بتلك الابتسامة.