27 أبريل، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

الصحة النفسية لفلذات أكبادنا خط أحمر لا نساوم عليه/ بقلم: د كريمة نور عيساوي

الصحة النفسية لفلذات أكبادنا خط أحمر لا نساوم عليه

بقلم: د كريمة نور عيساوي

ـــــــــــــــــــــــ

 

هذا الصباح راودتني مجموعة من التساؤلات بشأن واقع التعليم في المغرب في ظل جائحة كورونا والسياسة التي تبنتها الوزارة الوصية على التعليم، غير أنها (ولنكن صرحاء مع أنفسنا) كانت مخيبة لآمال تلامذتنا فلذات أكبادنا، الذين أضحوا بسبب بعض القرارات عبارة عن آلة عمياء صماء يمكن الضغط على الزر ليكونوا جاهزين لاجتياز الامتحان الجهوي متى شاء الأوصياء على التعليم ذلك؟

من المعلوم أن هذا التلميذ أمضى صيفا استثنائيا ومرهقا نتيجة الضغوطات النفسية المترتبة عن جائحة كورونا، ناهيك عن الإكراهات الفكرية الناجمة عن التحضير المكثف والمستمر للامتحان من أواسط شهر مارس إلى الآن، وهذا التلميذ المسكين نفسه سيشرع قريبا في تلقي دروس السنة الثانية باكالوريا ويكون مطالبا بالاحتفاظ بما حضره من مواد للسنة أولى باكالوريا، ومتأهبا كأي جندي في ساحة الوغى لاجتياز الامتحان الجهوي في أي لحظة يتم فيها الإعلان عن ذلك.

ومما زاد الطين بلة أنه سيكون مخيرا ببن متابعة الدروس حضوريا أو متابعتها عن بعد، مع تحمل أولياء الأمر لمخاطر الخيار الأول.

ما اعتقدت يوما أننا سنصل إلى هذه المرحلة المتقدمة من الاستهتار بفلذات أكبادنا مهما كانت النيات صافية والأهداف سامية والرغبة الأكيدة في خدمة التعليم في المغرب والرقي به. لأننا صراحة باتباع هذا المخطط سنسهم في إنتاج جيل مثقل حتى النخاع بأعطاب هذه المرحلة العصيبة.

فالصحة النفسية للمتعلمين أولوية مقدسة لا يمكن الاستهانة بها أو إغفالها أو التقليل من آثارها الكارثية على الفرد والمجتمع. وعلماء النفس يعرفون حق المعرفة أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية.

بالنسبة إلى كأم وكممارسة لمهنة التعليم كان من الأجدر الاعتماد على نقط المراقبة المستمرة على غرار فرنسا التي نقلدها في كل صغيرة وكبيرة، فقد تخلت كما نعلم جميعا هذه السنة عن الامتحانات واختارت أن تبني جيلا سويا يتمتع بصحة نفسية وجسدية، ومن المفارقات أن السياسة التعليمية في بلادنا آثرت التطبيق الحرفي للقانون المنظم للامتحانات ضاربة عرض الحائط ما يقتضيه الوضع الراهن من مرونة في تنزيل هذه القرارات وهي لا تدرك أنها بهذا الإجراء ستنتج جيلا معطوبا نفسيا.

لهذا أجدني في هذا الصباح أهمس لنفسي: الصحة النفسية لفلذات أكبادنا خط أحمر لا نساوم عليه.

 

د كريمة نور عيساوي

25/8/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.