طائر الصمت/ بقلم: هيام الشرع

طائر الصمت/ بقلم: هيام الشرع
ــــــــــــــــــــ
بين الخيبة والورد
هأنذي جالسةٌ، كطائرٍ قَلقٍ،
في محراب صمتي المُطْبَق
ويَقَظَة خَدِرَة، القَتّ عليّ
من ذهني المَكدُود؛
جلاميد ذكرَيات…!
أتأمل سُكُون الأَشيَاء،
وقَدْ لَفَحَتْ قلبيّ بُرودَة
لَا تُقَاسُ ببُرُودَة الأَجوَاء…!
اُصْغي بِعُمقٍ، لكُلّ صمت
يَتسَلَّل لسَمعي كَصُرَّاخٍ،
يَعجَزُ عن الانتقام…!
صَمْت أنين بلابل
اِلتقَطتهَا مكائِد
صيَّاد خَبيث…!
وصَمت حَجَر الرَّحَى
وقَد قَضَمَت شَفَتَيّه
أَنياب الخَريف…!
وصَمت شلاَّل حزين
طَارَدهُ كفَرِيسَةٍ
زلزَال مُخيف…!
اِمتَزَجَ صَمت الجِبَال
بصَمتِ وديَانهَا
عندَ لُحُود الجيَاد…
وحُقُول الذَّرَّة، غَرِقَت
بصَمتِ فَزَّاعَاتها
من تُخمَة بُطون الجَرَاد…!
أَتَسَاءَل أيُها اللَّيل
كَمْ فيكَ منَ اِيناسٍ
لتهدأ إليه نَفسيْ
وتَسكُن فيه ثائرَتي…؟!
كَم فيكَ منْ غَيمَة حكِيمَة
لِتُطفئ نيران آهات سَّقيمَة…؟!
أَخبِرني: كيف اُحرر حنجرتي
منْ صَدَأ سجن الرَّوح،
وقد مَزَّق حِبَالي الصَّوتيَّة
كِبرِيَاء الرِّمَال،
وَصَمَمَ النوارس المُهَاجِرَة،
على ظُهور البِغَال…؟!
حُروب نَشِبَت أظفارُها
كأسَدٍ جائع في الأحلام،
أقَضَّتْ بِرَصَاصهَا الأسود
مضجَع الآيَّام
فَعَلَّقَتْ فَرَاشَات الحُبّ
أَجسادهَا،
على قَارِعَة الأوهام.
مجنُون مَنْ يَتَعَرَّى
وَسَط الأَلغَام
وَيمَشِي كفَارِس يَبحَث عَنْ
مُعجِزَات الزَّمَان…!
والله قَد كَثُر النّبَاح
خَلفَ القَوَافِل…!
فَأَين هِي سَفِينَة نَوح
لترمِي لَنَا أَطوَاق النَّجَاة…؟!