في ذكراه العاشرة..ماذا جنينا من الوباء العربي؟ بقلم: خالد السلامي

في ذكراه العاشرة.
ماذا جنينا من الوباء العربي؟
بقلم: خالد السلامي
ــــــــــــــ
كم كان انخداعنا كبيرا بذلك الوهم الكبير الذي صدقناه قبل عقد من الزمان ونحن نشاهد حشود الجماهير العربية تملأ الساحات والميادين في عواصم العرب وهي تهتف بكل ثقة وصدق (الشعب يريد) وما تدري ما أُخفي لها من تآمر وخداع على مستوىً عالٍ من الدهاء والخبث الذي يقف وراءه دهاة التآمر العالمي وهم يتربصون بنتائج تلك الهتافات الصادقة النابعة من قلوب وعقول أنهكها الطغيان والديكتاتورية والحكم الشمولي على مدى عقود الزمن.
وكم كانت فرحة تلك الجماهير عظيمة عندما كانت ترى عروش طغاتها تتهاوى أمام تلك الصيحات الرنانة التي هزت كل ضمائر سكان المعمورة لتشدهم إليها فتعاطفت معها البشرية جمعاء.
ولكن وما إدراك ما لكن؟ فقد كان دهاة التآمر قد اعدوا العدة مسبقا فهم يحسبون لكل حادث الف حساب وفي كل زمان ومكان يحدث فيه ذلك الحدث حيث خرجت من تحت الأرض مئات الأحزاب والتنظيمات والحركات السياسية المعدة مسبقا لتركب الموجة ففي الوقت الذي لا يزيد عدد الأحزاب في كل بلد من بلدان العالم كله عدد أصابع اليد الواحدة صار عدد الأحزاب في كل قطر عربي يتجاوز المئات أن لم نقل الآلاف منها وكلها تسعى إلى السلطة فقط وبأي الطرق مستغلين انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية محاولين زرع الفتن بين أديانهم ومذاهبهم وعروقهم ليتوطن الشحن الطائفي والعرقي في عقول ونفوس أبناء تلك الفئات العرقية والدينية بل وأصبح لكل دين أو مذهب أو قومية عشرات الأحزاب مما أدى إلى زرع الفتن والفرقة داخل الفئة الواحدة لضمان استمرار الشحن السياسي والأمني بين تلك الفئات مما يضمن توجيه أصواتها باتجاه من ينتمي إليها في حالة إجراء الانتخابات وبالنظر لكثرة تلك الأحزاب التي صار لكل منها جناحان الأول سياسي اقتصادي يتولى الأنشطة السياسية والاقتصادية وجمع الأموال لتمويل تلك الأنشطة والأجنحة المسلحة التابعة لها والثاني عسكري أمني مسلح بأنواع الأسلحة الفتاكة ليكون العصا التي يهدد بها الآخرين في حالة الاختلاف معه وما اكثر الاختلافات بين تلك الأحزاب والتنظيمات و يقابل ذلك ما تم إعداده من تنظيمات مسلحة خارجة عن سيطرة تلك الأحزاب أن لم تكن مرتبطة ببعضها وهي معدة إعدادا دينيا وفكريا معقدا لتكون جاهزة عند الحاجة عند أي توتر للوضع السياسي لتقوم بتوتير الوضع الأمني وإثارة الفتن والاقتتال بين الطوائف والقوميات بل وأحيانا بين الطائفة الواحدة والمكون الواحد .وقد أدى كل هذا إلى إبقاء أقطار الوباء ( الربيع) العربي في حالة انفلات أمني وفتن لم يشهد لها التاريخ مثيل مما أدى إلى توقف كامل في كافة مجالات الحياة الاجتماعية والعلمية والثقافية و الاقتصادية من الزراعة والصناعة والخدمات وانهيار تام لكل البنى التحتية لتلك الأقطار مما جعلها أسواقا استهلاكية لكل المنتجات التي تنتجها الدول التي صنعت ما سمي بالربيع العربي حيث تمكنت من تصريف مئات الآلاف من أطنان الأسلحة المخزنة لديها ربما منذ انتهت الحرب العالمية الثانية لتسوقها إلى الفصائل والحركات العربية المتقاتلة فيما بينها إضافة إلى جميع أنواع السلع الصناعية والغذائية وحتى الخدمية لتُغرق الأسواق العربية بها والتي توقفت تماما عن استقبال أي منتج وطني بسبب الدمار الذي لحق بمصانعها ومزارعها وبناها التحتية هذا بالإضافة إلى جعل الأمة العربية في حالة من الضعف والوهن والفتن مما سهل على كل الأطراف الطامعة بالتوسع على حساب أرضها وأوطانها التدخل ووضع يدها على أجزاء كبيرة من الوطن العربي .
إذاً وبعد عشر سنوات من بداية الربيع العربي لم نجني سوى الفوضى والفتن والوهن والدمار في كل المجالات الزراعية والصناعية والعمرانية والخدمية وتحويل بلداننا إلى أسواق لتصريف الأسلحة الخردة التي كانت راكدة في مخازن الجيوش الغربية والشرقية وكذلك لتسويق كافة المنتجات الصناعية والزراعية والخدمية الأخرى وفقدان الأمن وضياع مفهوم الدولة وقوة القانون.
ولغرض إيقاف هذا الانهيار وقبل فوات الأوان يجب على الشعب العربي أن يفهم المخطط الكبير الذي يستهدفه ويستهدف وطنه وأقطاره والساعي إلى تجزأة الأجزاء واستحداث دويلات طائفية وعرقية واهنة تتصارع فيما بينها على اشبار من الأراضي التي ستبقى محل خلاف بينها.
وعلى الحكام والسياسيين العرب وأحزابهم أن يعلموا بكل جهد لإيقاف هذا المشروع التدميري لأقطارهم وانتمائهم بل ووجودهم وهويتهم العربية.