لعنة الأقدار / هيلانة الشيخ

لعنة الأقدار… وتبا لها من لعنة
نحن نتوارثها كذنبٍ يلتصق بصلواتنا لا يغفرها ذلنا ولا تمحوها دموعنا حتى لو غَسلت الأرض زمانًا مكانًا حجرًا حجرًا حذاءً حذاءً. ستبقى اللعنة تحفِّ المغضوب عليهم من الفقراء من العبيد من الأسرى من المرضى من الأمهات اللاتي أنجبن لعنة كما أنجبتنا هذه الأرض؛ لسنا إلّا لعناتٍ بصقها القدر من بشر ليسوا بشر.
وعليك أن تختار؛ أن تكون الدودة التي يلتقطها الطير أو الطير الذي يلتهمه النسر أو الغراب أو العثة التي تتكاثر على رطوبة العفن أو العفن المتخضر على رغيفٍ فاض من نفايات الأثرياء ولم يصل إلى كف عجوزٍ جائع فقد ذراعه في معركة وآخر فقد ابنه في حادثٍ عاهرٍ تحت عجلات (روز رايز) تقودها طفلةٌ لم تبلغ العشرين لا تفقه معنى إنسان تُربي كلبتها على معلباتٍ مستوردة وتحممها بصابونٍ معطّر وربما والدتها لا تملك ثمن هذا الصّابون!
لكن القدر جعلها تنصاع للفوارق وترضخ مقابل عشاءٍ في مطعمٍ إيطاليٍ فاخر…
تسرق ظروف السكر وتُخبئها في حقيبتها لأنها لا تملك بطاقةً ائتمانية ذهبيةٍ كأبنتها…
تسير خلفهن ككلبتهن فقط لتجمع قطعًا فضيةً سقطت سهوا أو فُجرًا …. وماذا بعد ؟!
أي لعنة حين يولد من رحمها ابنٌ معاق عاق يلطمها ويبتسم فتلعق دموعها وتعدُّ بلاطات الأرض كي تنسى أنه ولدها … أي لعنةٍ أصابت الأرض بأكملها أطفالٌ يحترقون وجنودٌ يحرقون ويُحرقون بنفس النّار ونفس العار ونفس اللعنة كي تلتهم الأرض من جديد وتنجب آخرين تتقاسمهم هي والبحر طعامًا للموت الذي لا يشبع ولا يصدع حتى نتهالك تحت لعناتٍ تجرُّ لعنات….
أنجبها الفقر من صلبِ القدر.
بقلم: هيلانة الشيخ