28 أبريل، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

أذرف الدمع عذبا / بقلم: أميمة يوسف

 

 

 

 

 

 

 

 

أذرف الدمع عذبا / بقلم: أميمة يوسف

 

أنفاسي تتأرجح على سفوح الذكريات، والحنين أبكم، يتركني بلا لغة أو هوية، متناثرة فوق سطور اللهفة، لا أملك سوى ملامح الدهشة، وبقايا عبق طفولي محبب، أعطّر به أوردتي حينما يخذلني الفرح!

سأرتدي ثوب الطفولة، وأرتدّ إلى زمن بعيد، أعزف الحنين فيتراقص الوطن على خشبة الذاكرة وتزهو بالفرح مواسم الفلاحين!

سأرقص … أرقص كنجمة تنفض عن كاهلها غبار العتمة والمنفى، وسأنثني كما السنابل امتنانا للرياح التي حملتني في عزف ناي شجي إلى الوطن الجميل، سأشهد هناك موسم التزاوج في حزيران مجردةً ذاكرتي من برد كانون، مصغية بشغف إلى ابتهالات الحقول، وأهازيج الأغاني، وهمس المروج!

عيناي متعطشتان للتفاصيل، نعم، ويداي لا تكفان عن محاولة انتزاع الشوكة من قلب الذاكرة لتتراءى الخيالات وطنا خصبا أرقد على ضفافه، وأنغرس في أرضه زيتونة تنزف دمعها زيتا مباركا يكاد يضيء، يطارد ذيول الليل المهزوم!

حلمي أعياه السهر، فامنحني وقتا لأغفو برهة في حقول الطفولة على حواف الأمل. علها تكتمل الحكاية وتتضح التفاصيل.

هاأنذا الآن أحتسي قهوة الأمس على طاولة اليوم، فتحلو من غير سكر، أرقب مرج ابن عامر طفلا يلهو في حضن الجليل ويلثم يد الجمال الممتدة نحوه من بيسان، المح واردات العين بأثوابهن المطرزة يملأن جرار الصبر فيضا من كوثر الجنة، أشهد كرنفال التزاوج بين نجوم الأرض وقمح السماء!

هاأنذا أشرب من نبع الحمى ماء الحياة، وأسمع زقزقة العصافير وهي تغازل الفجر ..

هاأنذا عاشقة أصعد الروابي وأطوي فيافي الحب، أتنسم شذى نسيم القدس، حيث الرحمات تتعانق مع الجمال في ربوعها ويرقصان سويا.

هاأنذا أبلغها بالحلم وبالشوق، فأذرف الدمع عذبا على خد الصبح!

وأحلم … أحلم لا زلت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.