أعداؤه أعوانه / بقلم: د. ريم سليمان الخش

أعداؤه أعوانه / بقلم: د. ريم سليمان الخش
ــــــــــــــــــــ
فسدَ الربيع وعرّيت أغصانه
وتيبست قبل القطاف جنانه
رزْءا تفتت ما نما في روضه
وتوزعت أوراقَه ديدانه
***
وموارد التغيير جُففَ نبعها
قحطا أسفَّ معذبا ظمآنه
وتثاقلت سحب الهموم مرارة
سحا تفيض بلوعة أحزانه
***
وطغى الخراب على البقاع كأنه
من عهد عادٍ سوّيت أركانه
غولا يهدّم ماعلا متهورا
هرْجا تُخالط هدمه نيرانه
***
من لم يمت بقذيفة متناثرا
فبعمق يمٍ داهنت شطآنه
أو من صقيع تهجّرٍ مستوحشٍ
جمدت بليل كريبة قطعانه
***
إذْ كُدسّت خيم العراء كأنّها
رث الشراع تقطّعت أشطانه
وتمايلت وسط الرياح كئيبة
لم يدرِ أين ملاذَه قبطانه
***
أو سجن أخبث طغمة جدارانه
لو تشتكي لتناوحت جدرانه
غِلا يُسلّخ كالشياة جلودهم
عتها يبرر سحقَهم طغيانه
***
حتى توجّب صدُه بجسارة
فأتى بمثل سفاهة عصيانه
وحشا كواسرَ لا يُرام فؤادها
ولشرّ مادفع الأذى إتيانه
***
فأتى الهبوب محملا بسمومه
فتدعدشت وتهجمت ألوانه
وتحرّفت ألواحه فاستعجمت
إذْ غيرّت فقه التقى كهانه
***
فبدت بسيف خوارجٍ أحكامه
وأحلّ سقط تعقّلٍ تبيانه
فسدت مرابع زرعه فحصاده
من بعد أن ورث التقى شيطانه
***
هذا الربيع السمح في سيمائه
يختال طلقا بشرّت ألحانه
هذا الذي جمع الشذى بعروقه
فتبرعمت ملء الرضا أجفانه
***
هذا الذي نضح الأصالة كوثرا
متدفقا يسقي الورى شريانه
حرث العقول مجددا إيمانها
في صحوة تحتاجها أوطانه
***
فسدت ركائز زرعه وتأمّرت
في عنق خير فضيلة ذؤبانه
أضحت دلاء مغانم غاياتها
فانحلّ في بؤر الأنا إحسانه
***
كم من ثريٍّ محْدث إثراؤه
متربع ركمَ العظام كيانه
كم من دعيٍّ فاسق متصدرٍ
حصد النفوذ تكسّبا دكانه
***
كم من حثالات طفت في قاعه
نتنا تفرّ فظاعة فئرانه
شتان بين منعم منها اغتنى
ومفقّرٍ فيها مضت تيجانه
***
وهب الطيور شغافه مسترخصا
وانساب من شغف بها وجدانه
منح الحشاشة باذلا متبذّلا
لم تبقَ إلا ذاكرا أشجانه
***
شتان بين مغامر متولهٍ
كانا عليها حظه ورهانه
أو بين واهب قبّة لألاءها
ومجمّعٍ شهدت له حيطانه
***
كان التراحم خبزنا وشرابنا
والجود خمرة عاشق ودنانه
ولقد بذلنا ماتقادم جمعه
نعمّ العطاء إذا سمت أعيانه
***
ماكنتُ أحسب أنْ ستقضى تسعة
سقما يُطبب نزفه خوّانه
إذْ ألفت لخلاصنا أكذوبة
تعس الذي أعداؤه أعوانه …..
(……..)
خير فضيلة =الحرية الكثيرون كانت الثورة لهم ثراء ومناصب