27 أبريل، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

أنسجُ رحيقي شالاً جديدًا / بقلم: مرام عطية

أنسجُ رحيقي شالاً جديدًا / بقلم: مرام عطية

____________________

أصرَّ الشِّتاءُ هذا العامَ أن يعتِّقني كالنبيذِ فصارَ مثلَ أبي يقصُّ عليَّ حكاياتِهِ الشيقةِ وقصصَ سندبادهِ العاشقِ، فأرتقي جبلاً ثمَّ اهبطُ في وادٍ، أعانقُ صنوبرةً، وأسبحُ في بحيرة بجعٍ، أقفزُ كالأرنبِ خلفَ تلةٍ من الجزرِ فيغريني بحباتِ الجوز وحفناتِ الزبيبِ، مغلقاً كلَّ الأبوابِ التي تفضي إلى الأحبَّةِ، لكنَّ صديقي الربيعَ لم يتركْ روحي لحظةً، ظلَّ يهاتفني كل يومٍ، يزورني مع سربٍ من سنونواتِ الدفءِ فلا أشعرُ بالوحشةِ في الليالي الباردةِ

أمَّا الصيفُ الجميلُ فكانَ يزرعُني عنباً على خصرِ داليةٍ

لا تعجبْ أميري الجميلَ

إن جئتُك اليومَ كالفراشاتِ لاهيةً، أو تغضبْ إن رسمتني غيثاً ورأتني الريحُ شوقَ غانيةٍ

ففي قرى الشعرِ لا ريشة سوى نبضِ الفؤادِ، ولا وترَ سوى قصبِ اللهفةِ، أما رأيتَ الألوانَ كيفَ ترسمني ؟!والنغماتِ كيفَ تقتاتُ شغفي ؟! وتستقي كؤوسَ القافيةِ

ها أنا أسبحُ كالنحل في الرُّبا تارةً أنسجُ رحيقي شالاً جديدا، وتارةً أدورُ جذلى بين الجفونِ كما عصفور حول ساقيةٍ

فمنذ زمنٍ اعتزلتُ الأسى، واستقلتُ من أملٍ كاذبٍ علاهُ العفنُ ودنستهُ أيدي العهرِ؛ لأنسى مدينةً ترعى اللئامَ وتتربُ الكريمَ، وأرمي حضارةً تغرقُ في شهوةِ المادةِ وبراثن الكبرياء، أرمي خلفي صقيعَ حضارةٍ لا ضفاف للكرامةِ الإنسانيةِ فيها

جئتُكَ لأنسى مدينةً تحتضنُ الطغاةَ والمارقين

وأنثرُ حبِّي قمحاً للبؤساءِ والجائعينَ

———————

مرام عطية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.