عمر منهوب/ بقلم: سندس حماد

عمر منهوب/ بقلم: سندس حماد
ـــــــــــــــــــــ
ألَم تَتعَب مِن حَملَقَةِ الوحدةِ فيك؟
ألَم تُغريِكَ أعراسُ الحُزنِ المنكوبة؟
لأولِ مرٍة أشهدُ فُستانَ عُرٍس يبكي!
مَشكوكةٌ أطرافُهُ بندب، ومخاطةٌ أجزائه بألم، مزركش بالدموع، ثوبُ حزٍن قاصر، تخلل أطراف الجسد ورُسم من سنين قصيرة على عمر يحيك مؤامرة أقدار.
يجلس في باحٍة كل زواياها تبكي رقصًا، تحتضن الظاهر لتخفي باطن الألم القاتل، كراسي مصفوفة، ورؤوس عارمة، تكاد من طفحِ البلادة لا ترى سوى على أنها جماد، تهتز مع انغام الموسيقى المجنونة، ظنا منها أنها تخفي ما تجلى القلب في رسمه على عيونهم، على أطرافهم، وحتى على حركة شفاههم المشققة، تلك التي أزالت نعومتها قُبَلُ الحزن.
في الصدر بانت تلك المزينة، تعتلي التاج فوق البياض الذي يكتسي جسدها، لم تزد بعمرها عن الخمسة عشر ربيعا، تنظر ببرائة الطفولة حول جسدها، ترى وجوها لا معنى لها من الفرح، فهي في ذات حزن نسيت كيف تبتسم.
الغريب هنا أن طاقة الحاضرين وصلت لجوفها، بالنظر، بإعتصار القلب على ما حضر، وحتى بكأس وقع بيد إجرام بلادتهم فأرتجف رقصا!
ما لبثت إلا أن بكت، لم تكن تدرك ما معنى أن يبكي الإنسان بلا أسباب، فكرت مليا بدموعها؟
وسألتها في ريب!
أدموع فرح أنت؟
أدموع حزن انت؟!
أم أنكِ دموع تودع لعب المرح في الحياة، ذاك الذي قبل كهولة الروح بغصة!!
أنا أدرك تماما بأني أودع في يومي هذا أنا
حتى ولو لم أكن أعي ذلك حقًا، ولكني أودعني ها هنا على مقعد أجلس به كأميرة.
أميرة نسيت كيف تحيا على بساط التجاوز، تلك التي نسيت من يومها كيف تركل الكرة، كيف تضرب بالاحجار نوافذ الجيران وتصرخ في الشوارع مقهقة لتخبر صديقاتها بحضورها، نسيت كيف يحمل القلم، كيف يقلب الكتاب ذاته على يديها الناعمتان اللتان سرعان ما شققتهما حجج الفقر المجاور لحضورها، نسيت كيف يسقى الورد الذابل ليحيى، تزامن الفرح مع دموعها وكأنهم على إتفاق موقع مع أوراق القدر بأن لا ينتهي قبل أن يسرق روح الأمل ويهديها لأحد بلا أي معنى يذكر، ليعربد على جسدها بمطارق إستعارها من جيران العادات.
واصلت نظراتها الطويلة تلك الممتدة منذ أن لفظها رحم أمها للحياة، تجلسُ اليومَ على أرجوحة الحلم، تلصق بسماتها سويًا بالتناوب ويتواصلُ قلبها معهم بالتثاؤب، فقد كانت بحاجه لأكسجين الفرح، فعرس حزنها كان طويلا ولم تنجح هي بوثبها على قطرات الأكسجين الباقية من ثغر أبيها، ولا من عيون أمها التي بأن للحظة فقط أنها المغلوب على أمرها نظرت ولا زالت تنظر، لمحت من بعيد كومة من صديقاتها يجلسن في زاوية بعيدة ويلعبن ويغنين ولم يأبهو حتى لوجود مأتم فرح في حياتها، سيقودها بعد لحظات للتهلكة.
بعد ساعات من النظر المتواصل دقت ساعة النزف الأبدي، غادر الحاضرين بمن فيهم الام، والاب، وهم لا زالوا يودعون الناس بفرح لا يوصف، وهي تخطو على روحها في كل خطوة لتجدل من الأفكار ضفيرة علها تعيدها في ذات يوم لطفولتها المنهوبة.
#سندس_حماد