قصيدتي والبحر/ أديبة حسيكة

قصيدتي والبحر
تلك البلاد البعيدة لا تعنيني
وفي الحلم قرب الله وجه السماء من صدري
وأودعني سر الاغتراب
فأتيتني على شكل قلبي
وملامح مسامي العصية.
أرددها تلك البلاد عندما تغني
ولكني…لا أحفظ كل الأغنيات
لا أفقه من البعد إلا دمعه
ولا من الصوت إلا صمته
ولا أستطع أن أسمع الغناء لقلب المدن الصماء
يغتالني سكون الألم المازوشي اللذيذ فألجأ إلى نداء بطول شواطئي التي تصرخ احتجاجا لاعتقالي بين اضطهاد ذاكرتين
ليكن حبي إليك وصية
قلبي ومن معه يحاجونني في تسليمي لأذرع البحر مجدافي
أبحر نحوي استسلاما أغرقته أطرافي
لا أريد أن أصل مدينتي التي تسكنني وعلى أصابعي بلل الأضواء الرطبة
وأنا ابنة الريف المضجع تحت سناء الشمس
يتأمل سواقيه
وفي عينيه يجري فرح نهاراته
وبين أصابعه تمشط السهول همومها القديمة
وفي سحيق وديانه فرش النعاس أهداب لياليه الحالمة
وعلى قمم جباله ارتفع منسوب دمي فأزهرت ثلوجه أبطالا من دفئ وورد
وتلك الجبال احدودبت كظهر جدتي
واخضوضرت على سحنتها مراعي الجرد
وأثمرت من دماء أحفادها عناقيد نخب من عشق ووعد….
وعدتك…. وفي القلب بحر يأبى السفر
وعدتك…وتكسرت بيننا مواعيد الأمل
تلك البلاد البعيدة لا تعنيني
مزقتني حروفها واستوطنت مني الجرح القصي
هي قصيدتي تنقح على كفيك قواعدها
تلجمني…وأعيد لها حصان التوثب ومهماز الكلمات
تمكنني من كتفيها
فأقفز على رؤوس أصابعي مخاطرة التحليق في العدم
وصلت ميناء ذاتي.
وفضائي لم يأتني منك بمنارة إشاراتي
وسفينتي لم تبحر بعد خط الزرقة الداكنة إلى لج نهاياتي
استراحة على شاطئ قلب
وعلى سنارة الصدفة الأولى اصطاد همومي البحر
أنا والميناء عراقة بعيدة
ووقت مفخخ بدهشة القصيدة
أنا والبحر كهلان توأمان
يجف البحر إن تبخر ملحه
تموت السمكة إن قفزت من البحر.
بقلم: أديبة حسيكة