28 أبريل، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

قفلٌ على البابِ / بقلم: ميرفت أبو حمزة

قفلٌ على البابِ / بقلم: ميرفت أبو حمزة

_____________

 

سأختنقُ …

 

تعالَ نذهبُ من هنا ..

 

* لاا .. أتمزحَ

ثمةَ قفلٌ على الباب ..

 

لا أمزح..

هيا قُمْ وابحثْ معي عن مفتاحٍ ..

 

* ما الجدوى من ذلك ..

ثمةَ قفلٌ من الجهةِ الأخرى

 

وكيف عرفتَ !

 

* غالباً ما يقفلونَ البابَ

ويعلّقونَ قفلاً آخَرَ من الخارجِ

 

نحاولُ !

 

* لا أريد ..

 

لماذا !؟

 

* لم أُفلحْ في فكِّ أسْري مذ كنتُ في المدرسة إلى الآن ..

 

نحاولُ يا صاحِ لعلَّ ..!

 

* ومن قال لكَ إنّي لم أحاولْ

 

متى ؟!

 

كلَّ يومٍ أحاول .. في كلِّ لحظةٍ أحاول

 

متى وأين ؟!

 

* هنا في رأسي ..في رأسي

 

مممم …فهمتُ ..

 

* ألا تعتقدُ أن هذا السجنَ الصغيرَ

قد يكون أفضلَ من السجنِ الموجودِ في الخارج ..ألا تعتقدُ !

 

ربما .. لكنني سأحاولُ وسنخرجُ

 

* حاول ..ههههه

 

أريد شيئاً لأحطِّمَ هذا القفلَ ..أيَّ شيءٍ

 

*وهل تنفعُ ساقي الصناعيةُ ؟

 

لا ..لا ..لربما تحطَّمَتْ .. كيف ستمشي ؟!

 

* لا أحتاجُها ..

باتت تؤلمُني وأنا أصلاً لا أريد أن أمشي أو أن أبرحَ هذا المكانَ

 

لا ..لا ، سأجدُ شيئاً أخر ..

أعطني هذا الشيءَ المعلقَ في عنقِكَ

 

* لا اا

 

أعطنيهِ ولا تخفْ

 

* قد يتحطمُ

 

سأجدُ من يصنعُ لك مثلَه ..

 

* لا ..لن تجدَ ..

المرأةُ التي صنعَتْهُ لي ماتت

وأناملها تنزف

 

تقصدُ .. آآ

 

* آااا وهل هناك غيرها

 

حسناً..

لا عليك سأجدُ ما يُجدي ..

.

.

.

 

* هههه .. حجَر !

 

طاع طااااع طاااااع

 

_ مضتْ ساعةٌ كاملةٌ ، وخلدون يتصببُ عرقاً ويداه ترتجفانِ ويحاول بكل طاقته ، بينما عامرٌ يحدّقُ في القفلِ ، ويكُزُّ على أسنانه ، وقبضتاهُ مشدودتان ، وكأنه غيَّّرَ رأيه في فكرةِ الخروج ..

بدأ القفلُ يتشققُ .. دقيقةُ .. اثنتان وينكسرُ ..

خلدون يتركُ الحجَرَ الذي بيده ، ويتراجع بضعَ خطواتٍ ، ويجلسُ دون حراك ..

عامر كان قد بدأ يتحمسُ لمعانقةِ الخارج ..

.

.

 

وبعد …ماذا يا خلدون هيا أكمِلْ ؟!

لا أريد ..

أكمل !

لا أريد ..

أكمل !

ما عدت أريد ..

قلبي يُنبِئني أنَّ ثمةَ قفلاً آخَرَ خلفَ الباب ..

وأنَّ لا أحدَ ينتظرني

وأن الخارجَ مخيفٌ ..مخيف

 

*هاتِ الحجرَ

 

لا أريد

 

*هات الحجر

 

لا لا

 

* إذن تعالَ نشربُ ..

 

نشربُ ماذا .؟.

 

* نشربُ الهواءَ ، ونقرعُ نخْبَ الفراغِ ، ونراقص اليأس ونثملُ ..نثملُ

 

تعالَ نهربْ من الكآبةِ إلى الكتابةِ ..

تعالَ نتناولْ جرعةً كبيرةً من العدَمِ

أنا أتحدثُ عن أهلي وقصتِهم مع النزوح ..

عن براميلِ الدمعِ ..

عن موتِ آلاءٍ

عن ساقي التي بُتِرَتْ بالحرب

عن السجنِ الذي ألِفْتُهُ

عن موتيَ الذي لا يجئُ

وأنت تتحدثُ عن خاتَمِكَ المسروقِ

عن أمكَ التي قُتِلَتْ بالخطأِ

عن شقيقِكَ المختطَفِ

عن الذين أسروكَ وسرقوا بيتَكَ بما فيه

عن حلمِكَ بالدراسةِ

عن الحريةِ

 

توقفْ .. لا أريد .. لا أريد

 

* هيّاااااا

 

قلتُ : لا أريد .. أُكتُبْ أنت

وأنا سأرسمُ لك

 

باباً

 

وطريقاً

 

وجلاداً

 

وشتائمَ

 

ومشنقةً

 

وجريدةً

 

وقنبلةً

 

وقبراً

 

ونبياً

وإلهاً .. إله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.