كم كبرنا يا أمي/ بقلم: نهى الخطيب

كم كبرنا يا أمي/ بقلم: نهى الخطيب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كم كبرنا يا أمي
على شَفَةِ حياة مٌحَمَّلَةِ بالفيروسات
أمضينا مشوار نصف عمر
ولا زلنا في أول نقطة من السطر
مثل سكة قِطار كُنَّا …
لا نزيغ
كي لا نضيع
وَضِعْنَا … !!!
بين أقراصِ مضادّة للصُّداع
في قعرِ ماضِ لقيط
وحاضر قد غزته التَّجَاعيد
نشرئب بأعناق من مطاط
لمستقبل كسيح
مثل قطيع تسوقه الذئاب
إلى مثواه الأخير
يحاول فيه السادة
أن يصلحوا ما تبقّى من ثقوب في أجسادنا
قبل العرض الأخير
لأوّل مرة يا أمي
ومنذ سنين
اكتشف أننا أمواتُ على قيد حياة
وان التَّاريخَ يكرهنا
أَجَلْ يكرهنا
ويرمي بنا على هامشه
لأننا لم نُثْقِنِ اللعبة
عالم من غاب
الداخل إليه مفقود
والخارج منه مولود
ونحن دائما هنا وهناك
بقلوب ترتجف
مصلوبة على مِقصلة الخوف
ذات درس تعلمت:
أننا أبناء آدم وحواء
إخوان في الأرض وفي السماء
وبعد كأسٍ واحدة في حانة النّخَّاسَة
حَيْثُ العناوين الفضفاضة
والبخور والنُّدود
حيث الخمائلُ والصَّوْلَجَانُ
وطقوسُ القَيْنَاتِ
كانتِ الغلبة للأقوى
للأذكى …
شئنا أم أبينا
عبثا نحاول
اٌعْتِصارَ زغرودةٍ من رَذَاذِ الفجر
تَخْفِقُ لها قلوب العَذارَى
عبثَا نبحث عن أرضِ
بها ملائكة بأجنحة بيضاء
تحاورُ جلادها بدون تُرجُمان
كلما دنت الحقيقة من وجه القمر
تنتابنا الرغبة في البكاء
لأنٍ الحياة الرّاقِدة في أحداقنا
كانت مجرّد تمثال
أوسع من فضاء العين
كم تمنينا أن نَعْبُرَ السّماء
لكن الظاهر أنَّ رياحًا من سَمُوم
ترْمِي بأحلامنا في مَفَازَةٍ
أبوابها مُغْلَقة
لا تَلِجُهَا الشمس إلّا مَجْبُولَة
لِتَمْنَحَهَا تذاكرَ العبورِ
آهِ يا أمي … كم كبرنا
وكَبُرَ معنا الوجع
بعينين صَدِئَة
يَطْرُقُ بابنا كل يوم
لِيَلْسَعَ ثَغْرَ الأفراح …
#نهى #الخطيب
26\05\2019