مرض كاذب / بقلم: علي العجيل

مرض كاذب / بقلم: علي العجيل
ــــــــــــــــــ
لست أدري ، متى أصبح هذا العالم أكبر مني
وهو الذي كان من صِغر حجمه يخنقني..!!
….
قرأتُ اليوم عن الزهايمر ، المرض المميت للذاكرة .
يقدّمه مؤلّف- لم أعد أذكر اسمه – على أنه هدنة مع الحياة
كنتُ أعرف القليل عن ذلك الغريب الذي بدا لي جميلاً بعض الشيء
فالذاكرةُ في رأسي لا تعملُ جيداً -أو عكس المطلوب بالأحرى-
وهذا الرأس المتربع على عرشِ جسدي ، أصبحَ عبئاً ثقيلاً وغير مفهوم
سيسعدني أن أمنحهُ راحة، سينقذني أن أمنحه موتاً رحيماً
ولا بأس أن يصيبه الزهايمر أو يصيب العالم فينسى وجودي
يقول صديقي-بعد إصابتي الكاذبة- :
يريد الله ان يخفف معاناتك لذلك سلبك تحويشة عمرك من ذكريات .
-أخبرته كذباً أن لا ذكريات لديّ-
…
بعد مرور الأيام، قررت أن يصيب المرض جميع اعضاء جسدي
صرتُ أتناول دوائي -الكاذب أساساً- لعدّة مرّات زائدة
ذاكرتي لا تعملُ جيداً -أجيب عند السؤال عن حالتي-، والقلب .. والقلب أيضاً .
لكنني أحفظ وجهك بشكل مثالي بالنمش، والشامات، والخراب الذي يحويه-أقول لمن أُحب- وأُكمل:
تبدو جميلاً اليوم بالمناسبة..
حدثني إن كان بينك وبيني حكاية سعيدة
لكنّ ، لا تكّذب عليّ .
..
قلبي ما زال يعمل بشكلٍ شبهِ مقبول، ليس الأجمل، لكنه أحنّ من بقية الأعضاء..
هل يأخذه أحدكم
ويعطيني قلباً جديداً؟
فأنا بعد هذا المرض الجميل،
والجسد شبه العليل
أرغبُ أن استبدله بصخرة ..!
-أقول لأصدقائي-
…
-صوتي ما زال متّعب-
هارباً من أسئلة أصدقائي ، التي مللت أجوبتها
ومن المضحكِ جداً، أنهم لا يعلمون، أنك تعلم وأن كل تلك الأسئلة، تدورُ وتمتدُ وتتجهُ، إليك منك.
ومع ذلك تعيد نفس الجواب كل يوم
-لا هرب من ذلك ، لا نجاة-
…
بقيتُ لعشرين عاماً اتظاهر بالمرض
وكان كلّ شيءٍ يسير بشكل جيّد
لكنّني ، لا أعلم لمَ الكثير مني اختفى
-أخافُ أن أعلم-.
…
من أي خرابٍ لون قلبه .!؟
من أي سخام ..
-يقول الطبيب لصديقي ويكمل-:
– “تقولُ التحاليل ، في غضون عدة أيام سيموت باعتلال الذاكرة”. فارتجف
صديقي يبكي، وأنا أضحك ، أضحكُ كثيراً
أضحك لأنني سأموت.
أضحكُ وأقول:
– لا تبكي ،
فالموضوع لا يبدو كأمرٍ خطير ،
وليست المرة الأولى التي أموت فيها على كل حال .
.
| أيُّها العالم ، أريدُ أن أرتاح منيّ أيضاً ..|