من أنفاسكِ …تخضرُّ الحقولُ/ بقلم: مرام عطية

من أنفاسكِ …تخضرُّ الحقولُ/ بقلم: مرام عطية
_____________________
في ظلمةِ الإبداعِ تشرقُ أمِّي مهندسةً ماهرةً، وفي شتاءِ الأيامِ يلمعُ قزحُ جودها النميرُ، ومن يعلمُ من تكونُ أمي ؟؟ نخلةٌ سامقةٌ ما إن تلمسُ يداها قلمَ السَّعي حتى يسيلُ الجمالُ فراتاً، وتسكبُ الطبيعةُ شلالَ ألوانها، أناملها الخضراءُ تعيدُ منازلَ الخرابَ قصوراً، ودفاترَ اليبابِ حقولَ قمحٍ، تنثرُ ندفَ الحضارةِ في أقاليمِ الجهلِ، وتغرسُ شتول الخصبِ في ثرى الشِّتاءُ.
وفي فصلِ الجدبِ تلمعُ فلاحةً أصيلةً، تزرعُ الحبَّ على مهادِ القلوبِ الحزينةِ فيصيرُ أشجارَ فرحٍ.
أمي تقطنُ مدينةَ الشَّمسِ لا تخشى الظُّلمةَ أو الصَّقيعِ، صوتها الياقوتُ مزيجٌ من البنِّ والحليبِ يسقيني الحبورَ ويشفيني من الجراحِ، عشتروتُ حياتي تلبسُ البردَ لندفأ، وتطعمُ الجوعَ لنشبعَ، تشربُ العطشُ لنرتويَ.
فسيلةُ النقاءِ علمتني أن مراكبَ العطاءَ أقربُ طريقٍ لموانئِ الرضى ومدنِ السعادةِ.
يا عشتارَ الكونِ، من أنفاسكِ تخضرُّ الحقولُ، تضحكُ جداولُ قلبي، وتصوغُ السنابلُ ذهبها، ما أدفأكِ أمي !! تبتسمين فتعشبُ الصحاري، يزهرُ الخريفُ، وتصيرُ النسماتُ قصائد شعرٍ.
أيتها الأميرةُ تمرينَ فتختالُ الكرومُ تزينُ جيدها بالقلائدِ وتلبسُ التلالُ أساورَ الصنوبرِ والتفاحِ
أيتها القديسةُ الجليلةُ تطلِّينَ بهامتكِ البهيةِ، فيمدُّ الصباحُ بساطَ الصلاةِ تحتَ قدميكِ خاشعاً، وتحتفلُ العصافيرُ بقدومِ موكبكِ البهيِّ، على خطاكِ تنهمرُ سحبُ الطُّمأنينةِ، وتسيلُ غيومُ الشَّوقِ، مراياكِ خصبةُ بالسلامِ، موشومةٌ بالأملِ، لو رأتكِ الحربُ لأخفتْ وجهها المشؤومَ عن الأطالسِ، وهربتْ بعيداً، ولو سمعتْ رياحُ الأحقادِ تراتيلكِ الملائكيةِ لغيرتْ مرامها إلى الأبد.
ما أبهاكِ أمي !! هلاَّ تزورينَ عمري، فتستحيلَ صحراءُ قلبي خمائلَ ياسمين.
___________
مرام عطية